أثار الاحتجاج شديد اللهجة الذي وجّهه الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إلى سفير الاتحاد الأوروبي، جيزوبي بيروني، بسبب لقائه مع الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، تساؤلات حول تأثير ذلك على علاقات تونس مع بروكسل.
وكان بيروني التقى الطبوبي قبل أيام، وأشاد بدور الاتحاد العام التونسي للشغل خاصة من خلال الحوار الذي أدى إلى حصول تونس على جائزة نوبل للسلام في العام 2015.
وخلال لقاء في قصر قرطاج الرئاسي، أبلغ الرئيس سعيد بيروني احتجاجاً شديد اللهجة بسبب "عدم الالتزام بالضوابط الدبلوماسية"، الأمر الذي أثار تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيقود إلى توتر بين تونس وبروكسل خاصة أن هذه من المرات النادرة التي تفتح فيها تونس النار على سياسات أوروبا الدبلوماسية.
وعلق المحلل السياسي التونسي، المنذر ثابت، على الأمر بالقول، إنّ "الموضوع في بعده الرسمي والقانوني يتعلق بشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس، وهذه الشراكة تنص على احترام حقوق الإنسان والتنمية السياسية من أجل إرساء الديمقراطية، وتمنح كلا الطرفين التدخّل واتخاذ الإجراءات المناسبة متى كان الطرف الآخر غير محترم لنواميس الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وتابع ثابت في حديث لـ"إرم نيوز"، أنّ "هذا الباب لم يقع استثماره من السلطات في تونس، في المقابل الاتحاد الأوروبي يتحرك عندما يتعلق الأمر بمسائل الديمقراطية أو محاكمة السياسيين أو غير ذلك، وهي إشكالية ليست جديدة، فالسفير الألماني أكد في وقت سابق أن تونس هي التي طلبت الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي لا يقبل بشراكة من طرف لا يلتزم التزاما كليا بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وشدد ثابت على أنّ "التأزم بين بروكسل وتونس أمر واضح ومتوقع إذا ما تابعنا الصحافة الأوروبية وخصوصاً الفرنسية التي تشتغل بطريقة شبه حينية على ملفات السياسيين الموقوفين في تونس، وهو أمر ينبئ بتوتر مرشح للتصعيد مع اعتبار أن داخل الاتحاد الأوروبي حلفاء لقرطاج لا يستهان بهم وأبرزهم حكومة جورجيا ميلوني في إيطاليا، وبكل تأكيد أن لألمانيا دورا وكلمة مهمة ولا يمكن تجاهل موقف فرنسا الساعية لاستعادة نفوذها في أفريقيا. وأعتقد أن المسألة قد تثير سجالا داخل مكونات الاتحاد الأوروبي حول الملف التونسي".
ومن جانبه، قال المحلل السياسي التونسي، محمد صالح العبيدي، إن "هناك فتورا في العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي أو لنقل مع بعض أعضاء التكتل مثل فرنسا، لكن لا أتوقع أن ينزلق الأمر إلى أزمة دبلوماسية أو سياسية كبيرة".
وأضاف العبيدي في حديث لـ"إرم نيوز": "في اعتقادي لا يمكن لأوروبا أن تضحي بشريك مثل تونس؛ إذ يمكن أن تكرس ضغوطا ما، لكن الأمر لن يصل إلى القطيعة مثلما يتحدث كثيرون، خاصة أن الطرفين مرتبطان بملفات حارقة مثل الهجرة غير النظامية".
وأردف أن "ما يحدث ليس بمعزل عن أزمة تونس الداخلية، حيث تحاول السلطة مزيد تضييق الخناق على الاتحاد وقيادته في سياق معركة ليّ الأذرع بين الطرفين، لذلك قد يثير الطبوبي بالفعل أزمات ما بسبب لقاءاته مع أطراف سواء محلية أو خارجية".