ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
توقع مختصون سياسيون أن يواجه تطبيق قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي تضمن نشر قوة دولية، إشكاليات كبيرة بسبب فجوة بين الرؤية العربية والإسلامية والرؤية الأمريكية الإسرائيلية لكيفية عمل هذه القوة.
وبعد إقرار مجلس الأمن لمشروع القرار الأمريكي حول وقف الحرب في قطاع غزة، تضمن القرار نشر قوة دولية في القطاع لضمان تثبيت وقف الحرب، لكن قضية "تدويل الصراع" تحمل جوانب ترفضها حماس وإسرائيل معًا.
وأعلنت حركة حماس رفضها منح القوة الدولية، أية صلاحيات تنفيذية على الأرض وخارج المناطق الحدودية، في حين تصر إسرائيل على أن تكون أولى مهام هذه القوة نزع سلاح الحركة.
يرى المحلل السياسي عاهد فروانة، أن بعض الدول، مثل إندونيسيا، أبدت موافقتها المبدئية على المشاركة، إلا أن غالبية الدول العربية والإسلامية تبدي "تحفظات واسعة"، ما يعكس صعوبة تنفيذ الرؤية الأمريكية.
وأضاف فروانة، لـ"إرم نيوز"، "الإدارة الأمريكية تسعى إلى تشكيل تحالف دولي يضم دولًا مثل مصر، والأردن، وتركيا، وإندونيسيا، وباكستان، ضمن قوات الاستقرار المقترحة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب. إلا أن معظم هذه الدول – حسب فروانة – تبدي تحفظًا واضحًا تجاه المشاركة".
وأشار فروانة إلى أن المشهد لا يزال ضبابيًا، والانتقال إلى "المرحلة الثانية" من الخطة الأمريكية، والتي يُفترض أن تشهد الحديث الجاد عن اليوم التالي، لا يزال معلقًا، بسبب استمرار تمسك إسرائيل بالبقاء في مناطق واسعة من القطاع حيث تسيطر على أكثر من 50% من مساحة القطاع.
وقال إن "السيناريوهات المطروحة لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة تثير القلق"، مشيرًا إلى أن المقترحات الأمريكية، خاصة فكرة تشكيل "مجلس السلام" برئاسة توني بلير، مدعومًا بقوات دولية تحت مسمى "قوات الاستقرار"، تعكس نموذجًا أقرب لـ"الانتداب الجديد"، وتبتعد عن مبدأ أن يحكم الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم.
وأضاف: "هذه الخطة تهدف إلى فرض إدارة أجنبية على غزة، من خلال لجنة تقودها شخصيات دولية، مع قوة تنفيذية لها دور مباشر في السيطرة الأمنية"، معتبرًا أن هذا النموذج "غير قابل للنجاح" وسيؤدي إلى مزيد من الغموض وعدم الاستقرار في القطاع.
وفي المقابل، شدد على أن النموذج الأفضل، من وجهة نظره، هو دعم عربي وإسلامي لقوات فلسطينية تتولى إدارة الأمن الداخلي، بحيث تكون القوات الأجنبية أو العربية ذات دور مساند في التدريب والدعم وليس السيطرة.
وقال إن "هذا النموذج هو الأقرب للتصور الفلسطيني ويمنح أهل غزة حقهم في إدارة شؤونهم ضمن إطار وطني بدعم إقليمي لا يتجاوز السيادة الفلسطينية".
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح، أن مشروع القرار الأمريكي الذي اعتمده مجلس الأمن بشأن إدارة قطاع غزة، يمنح "تفويضًا شبه مطلق" لكيان غير واضح المعالم تحت مسمى "مجلس السلام"، دون وضوح حول تشكيلته أو أهدافه أو آليات عمله.
وقال الصباح لـ"إرم نيوز" إن "استمرار الضبابية حول آليات تنفيذ القرار من شأنه أن يخلق حالة من التوتر".
وأوضح أن "هناك تباينًا واضحًا بين النموذج العربي-الإسلامي المقترح لإدارة غزة، والنموذج الدولي الذي تريد الولايات المتحدة فرضه بعد اعتماد مشروعها في مجلس الأمن".
وأوضح أن "النموذج العربي-الإسلامي يهدف إلى تشكيل قوة لحفظ السلام تكون على أطراف قطاع غزة، دون تدخل مباشر في إدارته الداخلية، وتتمتع بإشراف سياسي ودعم إنساني، بعيدًا عن السيطرة على مؤسسات الحكم في القطاع".
في المقابل، أشار الصباح إلى أن النموذج الدولي يسعى إلى نشر قوة داخل القطاع تكون مسؤولة بشكل مباشر عن الإشراف على حكومة تكنوقراط، وإدارة المساعدات، والرقابة على الأجهزة الأمنية، بما في ذلك الشرطة المدنية.
وقال إن "هذا النموذج يفتقر لرؤية واضحة أو نهاية محددة، وإن تنفيذه مشروط ومربك"، مضيفًا: "كل شيء يدور في إطار الـ 'إذا وقد'، دون ضمانات حقيقية للفلسطينيين".
وفي ما يتعلق بالقوى المشاركة، أشار إلى أن الدول الثماني التي حضرت اجتماعات نيويورك هي الأوفر حظًا للانضمام لهذه الخطة، إلى جانب دول أوروبية أبدت استعدادها مثل بريطانيا وفرنسا، واللتين تسعيان لتسجيل دور فاعل في إنهاء الحرب، استجابة لضغوط داخلية من شعوبها.
ورأى الصباح أن النموذج العربي الإسلامي لإدارة قطاع غزة هو الخيار الأنسب مقارنة بالنموذج الدولي الذي يجري العمل عليه في أروقة مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن هذا النموذج الأقرب إلى التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني، ويحترم الحقوق المشروعة دون فرض وصاية خارجية.
وقال الصباح إن "الرؤية العربية الإسلامية تنسجم مع الإرادة الفلسطينية، ويمكن أن تشكّل مظلة دعم سياسي وإنساني دون المساس بسيادة القرار الفلسطيني، على عكس الرؤية الدولية المطروحة".