أرجعت حادثة "سيناء الحدودية" بين مصر وإسرائيل، والتي راح ضحيتها 3 جنود إسرائيليين برصاص عنصر أمن مصري، التساؤلات بشأن "أمن واستقرار سيناء" والتقسيمات الأمنية في شبة الجزيرة، والتي استحدثت إثر معاهدة "كامب ديفيد" للسلام، التي أنهت حالة الحرب بين البلدين.
وأكدت إسرائيل أنها "ستحقق بدقة" في حيثيات الحادثة النادرة والخطيرة، والتي أثارت مخاوف بين الإسرائيليين من أن تصبح سيناء جبهة أخرى مفتوحة، مثل قطاع غزة والحدود الشمالية مع لبنان، فيما أكدت السلطات المصرية تعاونها للوقوف على أسباب ودوافع الهجوم.
ما إن عثرت القوات الإسرائيلية صباح السبت، على جثث جنودها القتلى عند نقطة حراسة قرب قاعدة "حاريف" العسكريّة التي تبعد نحو 100 كلم من جنوب قطاع غزة قرب الحدود مع مصر، ىسارع الجيش المصري إلى إصدار بيان معلنًا فيه أن الحادثة تتعلق بـ"مطاردة عناصر تهريب مخدرات" قام بها شرطي مصري؛ ما أدى لمقتل الجنود الإسرائيليين.
وأشار تحقيق أولي أجراه الجيش الإسرائيلي، بحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، إلى أن الشرطي المصري دخل حدود إسرائيل باستخدام "ممر طوارئ" في السياج الحدودي، على بعد أمتار من نقطة الحراسة الحدودية.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في تغريدة عبر منصة "تويتر" أن "مخرّبًا من الشرطة المصرية نفذ اعتداء عبر الحدود المصرية، وأن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي، أكد أنه سيتم خلال أسبوع عرض التحقيق بشأن الحادث، وأوعز بتشكيل طاقم تحقيق مؤسساتي لدراسة الطريقة العملياتية لحماية الحدود".
تم تقسيم سيناء بموجب اتفاقية "كامب ديفيد" إلى 4 مناطق (خطوط) أمنية
من جهته، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الحادثة بـ"الهجوم الإرهابي"، وطالب بتحقيق شامل مشترك مع مصر، فيما أفاد بيان صادر عن الجيش المصري، بأن وزير الدفاع المصري محمد زكي، أجرى اتصالًا هاتفيًّا بوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، لبحث ملابسات الحادثة.
ووصل وفد مصري مؤلف من مسؤولين عسكريين وممثلين لوزارة الدفاع إلى إسرائيل الأحد، في إطار التحقيق المشترك، على ما أفادت به وكالة "فرانس برس".
وأثارت الصحف الإسرائيلية الأسئلة التي يتعيَّن على السلطات الإسرائيلية الإجابة عنها لفهم ملابسات الحادثة، ورجحت بعض المواقع الإخبارية الإسرائيلية، بأن عملية سيناء ذات "دوافع قومية"، وبأن الشرطي المصري خطط لعملية واسعة بهدف قتل عناصر حدودية إسرائيلية.
وقبل ساعات من حادثة إطلاق النار، أحبط جنود إسرائيليون محاولة تهريب مخدرات عند الحدود وصادروا ممنوعات تقدر قيمتها بنحو (400 ألف دولار)، بحسب ما قال متحدث عسكري إسرائيلي.
وفي عام 2012، تبنت مجموعة "أنصار بيت المقدس" هجومًا على الحدود المصرية الإسرائيليّة أدى إلى مقتل جندي إسرائيلي.
تحكم العلاقات بين مصر وإسرائيل اتفاقات "كامب ديفيد" للسلام التي وقعها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ورئيس حكومة إسرائيل الراحل مناحيم بيغن، في الـ17 من أيلول/سبتمبر عام 1978 برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر.
الحدود بين إسرائيل ومصر تمتد لـ 200 كيلومتر، من كرم أبو سالم في شمال الحدود إلى مدينة إيلات في الجنوب
وتم التوقيع على اتفاقيتين بين مصر وإسرائيل، حملت الأولى عنوان: "إطار للسلام في الشرق الأوسط"، ونصت على أن قرارات مجلس الأمن رقم 242 و338 هي الأساس الشرعي لمثل هذا السلام، أما الاتفاقية الثانية فهي "إطار اتفاق للتوقيع على معاهدة سلام بين الجانبين"، واستندت إلى الانسحاب التام والكلي للقوات الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء، وفق موقع البرلمان الإسرائيلي "الكنيست".
وأسفرت الاتفاقيات عن توقيع معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، في عام 1979، التي تعد أول معاهدة سلام توقعها إسرائيل مع دولة عربية، حيث وافقت إسرائيل على الانسحاب من شبة جزيرة سيناء، بموجب تلك المعاهدة، ووعدت القاهرة بإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع تل أبيب، وفتح قناة السويس أمام السفن الإسرائيلية.
ويشير نص المعاهدة باللغة العربية، المنشور على موقع جامعة "الإسكندرية" المصرية، والخرائط الرسمية المرفقة بمعاهدة السلام المنشورة على موقع الأمم المتحدة، إلى تنظيم الخطوط والمناطق أمنيًّا إلى 4 مناطق. الأولى هي المنطقة "A"، وفيها "تكون هناك فرقة مشاة واحدة وأجهزتها العسكرية"، والمنطقة "B" في وسط سيناء وتتواجد فيها وحدات من قوات الحدود المصرية مكونة من 4 كتائب مجهزة بالأسلحة الخفيفة والمركبات وتساعد قوات الشرطة المدنية في الحفاظ على الأمن بالمنطقة.
وهناك المنطقة “C" الأقرب لحدود إسرائيل وتنص الاتفاقية على تواجد قوات شرطية فقط بها، إلى جانب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والمنطقة "D" داخل الحدود الإسرائيلية وتتواجد فيها قوة محدودة إسرائيلية مكونة من 4 كتائب مشاة وأجهزتها العسكرية، وقوات المراقبة الخاصة بالأمم المتحدة.
والتزم الجانبان بالترتيبات الأمنية على مدار الأعوام الماضية، لكن نشبت توترات بين مصر وإسرائيل بعد تنحي الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، في شباط/فبراير 2011، وزادت التوترات بعد أن اقتحم محتجون مصريون السفارة الإسرائيلية في القاهرة.
يذكر أن الحدود بين إسرائيل ومصر تمتد إلى مسافة 200 كيلومتر، من كرم أبو سالم في شمال الحدود إلى مدينة إيلات في الجنوب، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، بدأت إسرائيل في بناء السياج الحدودي الجديد الذي يفصلها عن مصر، وفي غضون عامين، وباستثمار تجاوز المليار شيكل اكتمل بناء الجدار.