قال عضو مجلس السيادة السوداني السابق، القيادي في تحالف "صمود"، محمد الفكي سليمان، إن من من شروط إنقاذ السودان اليوم وقف إجراءات تشكيل حكومة، والدخول في عملية سياسية شاملة.
وأشار إلى أن إصرار الإخوان على العودة للسلطة دفع البلاد من الانقلاب إلى الحرب، التي دمّرت الاقتصاد ومزّقت النسيج الاجتماعي.
وأكد أن الحركة الإسلامية هي من خططت لانقلاب 25 أكتوبر، إذ استغلت طموح العسكر في الحكم وتعقيدات المنظومة الأمنية الموروثة من حقبة الدكتاتورية، متجاهلة رغبة الشعب السوداني في الحكم المدني.
وأضاف سليمان، في حوار مع "إرم نيوز"، أن تحالف الحرب يتصارع على السلطة والموارد تحت شعارات زائفة، مؤكداً أن التوقيت الحالي هو الأنسب لبدء عملية سياسية شاملة توقف الحرب وتُوحّد السودان.
وشدد على ضرورة ضمان مشاركة جميع السودانيين، مع وقف إطلاق النار أولاً، محذراً من أن حكومة كامل إدريس ليست سوى واجهة.
وتالياً نص الحوار:
الحركة الإسلامية في السودان (الإخوان) هي التي رتبت انقلاب 25 أكتوبر بأكمله مستثمرة طموح الجنرالات في الحكم وتجربتهم التاريخية في هذا المضمار.
والحركة الإسلامية وقيادات الأجهزة الأمنية أغفلت حقائق واضحة على الأرض وهي رغبة السودانيين في الحكم المدني وتفكيك نظام الإخوان.
والواقع المعقد للمنظومة الأمنية خلفته سنوات الدكتاتورية الطويلة لحكم الإخوان.
هذا الواقع المعقد كان يتطلب العمل السياسي الطويل وتوفيق الأوضاع تدريجياً، ولكن هذا اصطدم بشهوة الإخوان المسلمين للعودة إلى السلطة فقفزوا فوق كل هذه الحقائق وقادوا البلاد من الانقلاب إلى الحرب.
وبعد قتال مستمر لمدة عامين تحطمت بنية البلاد الاقتصادية وتمزقت البلاد اجتماعياً، وأصبحت هنالك حكومة في بورتسودان تدير عددا من الولايات وهنالك تحالف يعمل لإقامة حكومة في نيالا، كل ذلك يجعلنا نعيد التفكير في المنهج نفسه الذي أوصلنا إلى هذه النقطة.
عندما أطلق الإخوان حربهم كان محددا لها ساعات قليلة هدفها تصفية قوى الثورة، وكسر شوكة كل حامل للسلاح والعودة للحكم، ولكن هذه الخطة فشلت لاعتبارات عديدة، ثم تمددت الحرب في معظم ولايات السودان وأثرت في حياة ملايين من الناس بالموت والنزوح واللجوء وفقدان ممتلكاتهم.
ولم تفلح كل الدعوات في لجم هذا الجنون الكامل؛ لأن الطمع أعمى مطلقي صيحات الحرب التي أسموها حرب الكرامة، إذ حسبوا أن الطريق للسلطة أصبح معبداً، ولكن تحالف الحرب نفسه يواجه اليوم أزمة كبرى في تشكيل الوزارات بعد أن أصبحت الحقيقة عارية، وهي أنها حرب على السلطة والمال ولا علاقة لها بكرامة السودانيين.
ومن موقع مسؤوليتنا نعتقد أن هذا هو الوقت الأنسب لوقف هذا التسابق قبل أن تتفجر الأوضاع مجدداً، ومن ثم الاتجاه لإطلاق عملية سياسية شاملة توقف الحرب وتعيد توحيد البلاد على أجندة السلام والتنمية وإعادة بناء المؤسسات الوطنية.
السودان ملك لجميع السودانيين، ومن حقهم جميعاً أن يشاركوا في صياغة مستقبله، ولكن الخطوة لتحقيق ذلك تبداً من وقف إطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية ومن ثم الذهاب إلى عملية سياسية شاملة للجميع عدا المؤتمر الوطني، وهو الشرط الذي وضعته الثورة السودانية وحاولت جماعة الإخوان المسلمين إلغاءه عبر إشعال الحرب.
البرهان أتى بكامل إدريس حتى يقول للمجتمع الدولي والإقليمي "انظروا ها قد قمت بتشكيل حكومة مدنية لها كامل الصلاحيات"، ولكن من الدقيقة الأولى وجد كامل إدريس أنه محكوم بواقع الحرب، فالخريطة السياسية محكومة بشروط المقاتلين الذين تحاصصوا السلطة كل حسب طول بندقيته.
لذلك، نجد اليوم تدافعا بالمناكب حول وزارات الإيرادات مثل المالية والمعادن التي تسيطر على الذهب، وكل طرف يشد من اتجاه، وأصبح واضحا للجميع أن مركز الحكومة هو البرهان نفسه، لأنه هو من خلق هذا الواقع وليس كامل إدريس.
الحركات المسلحة تتحدث إلى البرهان مباشرة، مما يفهم منه أنه ليست هناك حكومة مدنية، وبالتالي ليس هناك سبب لتفجير الأوضاع دون حصد أي مكسب سياسي. والأفضل هو وقف كل هذه الإجراءات والدخول في عملية سياسية شاملة.