تتباين آراء خبراء في الشأن السوري، بشأن التصريحات القديمة-الجديدة لشيخ عقل طائفة الدروز في سوريا حكمت الهجري، حول الموقف من إسرائيل، إذ يرى بعضهم أنه تعبير عن موقف وطني مستقل يهدف لحماية المجتمع المحلي في ظل غياب الدولة وفرض سلطة هشّة، بينما يعتبره آخرون مدخلاً خطيراً قد يُستغل لتقويض وحدة البلاد، ويفتح الباب أمام تفسيرات من شأنها المساس بالثوابت الوطنية.
ووسط مشهد مضطرب في الجنوب السوري، تسيطر عليه تفاهمات هشة وانكفاء مؤسساتي، يصبح أي خطاب ديني أو محلي مؤثر مرآة لفراغ السلطة أكثر من كونه انقلاباً على مبادئها.
وقال رئيس المجلس الدرزي الشعبي، صلاح أبو ركن إن التصريحات الأخيرة لشيخ العقل حكمت الهجري، رسّخت من مكانته كمرجعية قوية ومستقلة. أما إعادة تدويرها، فهي محاولة تصعيد ضده وضرب صورته كزعيم وطني جامع، خاصة وأنها أتت في وقت حسّاس، عبر إطلاق اتهامات مثل التطبيع مع إسرائيل، وفق تعبيره.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن الشيخ الهجري في تصريحه الأخير قدّم رؤية وطنية متماسكة ترفض الفساد وتدعو لمحاسبة المسؤولين عنه مع الحفاظ على وحدة سوريا وكرامة جبل العرب، وهذه تصريحات قد تمثل تهديداً لخصومه؛ مما دفع بهم إلى استغلال الوضع عبر إطلاق تصريحات تأتي في سياق التخويف وخلق شرخ في الصف الداخلي.
وأوضح أبو ركن أنه "في مناخ متوتر ولقاءات دولية عديدة وحروب هنا وهناك، تأتي التصريحات لإحداث بلبلة تستهدف الأشخاص المؤثرين وضرب قاعدتهم الشعبية وإرباك المشهد، وهذا أمر بدا واضحاً مؤخراً.
وأشار إلى أن استعمال جملة مثل "إسرائيل ليست العدو" من دون توضيح السياق الذي أتت فيه، قد يكون خيانة للنص أو تلاعباً إعلامياً مقصوداً، وفق تعبيره.
من جانبه يرى الكاتب والباحث السياسي، مالك الحافظ أنه حين يقول شيخ عقل طائفة الدروز إن "إسرائيل ليست العدو"، فهو يعبّر عن حالة من الانكفاء المحلي والدفاع الذاتي، وسط فراغ سيادي وعسكري حاد، تعاني منه مناطق الجنوب السوري، خصوصاً في السويداء، منذ سنوات.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن "هذا النوع من التصريحات لا يقوّض اتفاقاً مع دمشق؛ لأنه لا يوجد في الواقع اتفاق وطني حقيقي جامع، بل تفاهمات هشّة وظرفية فرضتها الوقائع، لا المؤسسات" مشيرا إلى ان "السلطة الانتقالية الحالية التي ترفع شعارات وطنية كبرى، لم تنجح حتى الآن في تقديم مشروع دولة، ولا في إنتاج مركز قرار يملك القدرة على احتواء الحساسيات المناطقية والطائفية".
واعتبر أنه "لا يمكن تحميل أهالي السويداء أو ممثليهم الروحيين مسؤولية هذا الفراغ، بل يجب تحميل السلطة نفسها مسؤولية فشلها في إنتاج تصور شامل يضمن أمن الجميع دون ارتهان خارجي.
وفي ما يتعلّق بالحديث عن تشكيل "جيش محلي" في السويداء، أوضح الحافظ أن "هذا لا يمكن قراءته بمعزل عن التاريخ الطويل من التهميش الذي عانته المنطقة، وعن سياسات الانسحاب المتعمّد للقوى المركزية، سواء في زمن نظام الأسد أو الآن خلال فترة السلطة الانتقالية، وهذه المبادرات تعبّر عن غريزة البقاء في ظل غياب الدولة، وليست خياراً إيديولوجياً محسوباً" وفق تعبيره.
ولفت إلى أن أي انفتاح على حماية أجنبية، بما فيها الحماية الإسرائيلية، يطرح أسئلة حساسة وخطيرة تتعلّق بالسيادة والانتماء الوطني. ومع ذلك، فإن تحميل المجتمع المحلي وحده عبء هذه الاحتمالات، دون مساءلة السلطة الانتقالية عن غيابها الكامل، هو نوع من التواطؤ مع تفكك الدولة، لا نقدٌ موضوعي لما يجري.
