تواجه مجموعة "بوسطن الاستشارية" أكبر أزمة في تاريخها إثر مشاركتها بتأمين مواقع تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية لتوزيع المساعدات على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأثارت مشاركة مجموعة "بوسطن" الاستشارية تساؤلات حول دورها في خطط إعادة توطين فلسطينيين في قطاع غزة بعد الحرب، وما إذا كانت قد تجاوزت حدود العمل الإنساني إلى شراكة في ترتيبات سياسية وأمنية حساسة، كما أثارت انتقادات واسعة بسبب قتل مئات الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
وعقب تورط المجموعة، التي يمتد عملها لستة عقود تقريبًا، استقال اثنين من كبار شركائها من مناصبهم القيادية، لصلتهما بالمشروع المثير للجدل في غزة الذي تحوّل من مبادرة خيرية إلى تعاون غير مصرح به مع شركات أمنية.
انطلق المشروع في بدايته كمبادرة خيرية تهدف إلى معالجة تحديات إمدادات الغذاء في غزة، لكنه سرعان ما تحوّل إلى نشاط غير مصرح به من قبل اثنين من الشركاء، في مخالفة لتعليمات الشركة، فقد تضمّن هذا النشاط إعداد نموذج مالي لإعادة توطين الفلسطينيين طوعًا بعد الحرب.
سيغادر كل من آدم فاربر، كبير مسؤولي المخاطر في مجموعة بوسطن الاستشارية، وريتش هاتشينسون، رئيس قسم التأثير الاجتماعي، منصبيهما، بعدما تبيّن أنهما كانا على اطلاع بالمراحل الأولى من المشروع، وفقًا لمصادر مطلعة.
وجاءت هذه التطورات بعد فصل شريكين في يونيو/حزيران، هما مات شلوتر وريان أوردواي، فقد أفادت مجموعة بوسطن الاستشارية بأنهما انحرفا عن المسار المحدد للعمل خلال الأشهر التي أعقبت انطلاق المشروع. وكان كلاهما يعمل في قسم الدفاع والأمن في القطاع العام داخل الشركة قبل صدور قرار إقالتهما.
في أواخر عام 2024، قدّم أحد شركاء مجموعة بوسطن الاستشارية معلومات مضللة بشأن مشاركته في عمل تطوعي. وبعد فترة، بدأ هو وشريك آخر بتنفيذ مرحلة من العمل المدفوع الأجر دون الحصول على إذن رسمي، وعملا على إعداد نماذج غير رسمية لسيناريوهات إعادة إعمار غزة، في انتهاك لتعليمات المجموعة. وأكدت الشركة أنها أوقفت هذا النشاط فور اكتشافه، مشددة على أنها لم تتقاض أي مقابل مالي عنه.
أكدت الشركة أن "تحقيقًا مستقلًا أكد أن هذا كان نتيجة سوء سلوك فردي مصحوبًا بتقصير في الرقابة والحكم"، وأضافت: "لقد اتخذنا إجراءات سريعة لضمان عدم تكرار ذلك".
أوضحت الشركة أن "تحقيقًا مستقلًا خلص إلى أن ما حدث كان نتيجة لسوء سلوك فردي، إلى جانب تقصير في الرقابة واتخاذ القرار، وأنها اتخذت خطوات عاجلة لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً".
وقيّم فاربر، بصفته كبير مسؤولي المخاطر في مجموعة بوسطن الاستشارية، وآخرون مشروع العمل الخيري في مراحله الأولى في ذلك الوقت.
ووفقًا لمصادر مطلعة، كانت الشركة في ذلك الوقت تتوقع حصول المشروع على دعم من تحالف دولي واسع ومعترف به. وقد أُدرجت المرحلة الأولية من هذا الجهد ضمن برامج الأثر الاجتماعي التي أشرف عليها هاتشينسون.
وبدأت جهود شركة الاستشارات في غزة في أكتوبر/تشرين الأول، إذ تعاقدت مجموعة بوسطن الاستشارية مع الشركة للمساعدة في إعداد دراسة جدوى لإنشاء منظمة إغاثة جديدة في غزة.
في مارس/آذار، انتقل عمل مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG) إلى إطار تعاقدي مدفوع الأجر، إذ عملت نيابةً عن شركة "ماكنالي كابيتال" لتقديم الدعم لشركة "سيف ريتش سوليوشنز" وهي شركة خاصة متخصصة في الخدمات اللوجستية والعمليات، وفقًا لمصادر مطلعة. وقد استعانت "مؤسسة غزة الإنسانية" بشركة "سيف ريتش" لتأمين المواقع خلال عمليات توزيع المساعدات.
وأشارت مجموعة بوسطن إلى أن الشريكين، بمرور الوقت، نفّذا مهام تجاوزت نطاق التفويض الممنوح لهما من المجموعة، بما في ذلك إعداد نموذج مالي لتقدير تكلفة إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، بحسب مصادر مطلعة. وأضاف أحد هؤلاء المطلعين أن شركة ماكنالي لم تكن طرفًا في أي من جوانب التخطيط المتعلق بمرحلة ما بعد الحرب.
أثار تورط موظفي مجموعة بوسطن الاستشارية في خطة لنقل سكان غزة جدلاً واسعاً داخل الشركة وخارجها. وأعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" غير الربحية، التي تربطها علاقات طويلة الأمد بمجموعة بوسطن الاستشارية، تعليق شراكتها غير الربحية مع المجموعة الشهر الماضي.