رأى خبراء أن الإدارة السورية الجديدة حققت منذ سقوط النظام نجاحات عدة، أبرزها رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ سنوات طويلة، وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع معظم دول العالم.
وخلال قرابة 6 أشهر من استلام الإدارة الجديدة مقاليد السلطة في سوريا، حازت اعترافا دوليا بشرعيتها، وتمكنت من إعادة الارتباط مع المنظمات الدولية اقتصادياً وسياسياً. وعلى الصعيد العربي، استعادت سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية، والتقى رئيسها أهم القادة العرب وحصل على دعمهم.
لكن الملفات الداخلية لا تبدو أخف وطأة من ملفات السياسة الخارجية، فالاقتصاد السوري منهار، والوضع الأمني ما زال يعاني الخروقات، إضافة إلى عدم سيطرة الدولة على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية، عدا عن انتشار كثيف للفصائل غير المنضوية تحت قيادة الجيش السوري.
يبدو إنهاء "الفصائل خارج الدولة" الملف الداخلي الأبرز، الذي ستعمل الإدارة السورية على إنجازه، كما يرى المحلل السياسي بسام السليمان؛ لأنه يشكل الأرضية التي سيعتمد عليها نجاح بقية الملفات.
وقال السليمان لـ"إرم نيوز": "لا بد من تهيئة الأرضية الأمنية التي لا يمكن أن تتهيأ في ظل وجود قوات عسكرية خارج سيطرة الدولة، وهذا الملف هو الأكثر أهمية في جدول أعمال الإدارة السورية".
وبالتوازي مع الملف الأمني، يؤكد السليمان أن "العمل سيتم على إنشاء الأرضية التشريعية والقانونية"، ويضيف: "ربما نشهد خلال أيام الإعلان عن إنشاء اللجنة التحضيرية لمجلس الشعب الانتقالي".
وفي ظل انتظار السوريين نتائج ملموسة تصل إليها لجنة العدالة الانتقالية التي شُكّلت أخيرا، يرى السليمان أن هذه القضية من الملفات الداخلية المهمة، التي من شأنها تهيئة الأرضية الاجتماعية المناسبة لإعادة الإعمار وانطلاق عملية البناء.
وأضاف: "لن يهدأ الشعب من دون تحقيق العدالة الانتقالية. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن أعضاء اللجنة خلال أقل من شهر، إذ يراهن الجميع على نتائج عملها في إنصاف جميع المتضررين من عسف النظام السابق".
ويؤكد السليمان أن "هذه الملفات تعد الأبرز داخلياً في هذه المرحلة، لأنها تعد أساسيات لانطلاق مرحلة إعادة الإعمار التي ستبدأ بدخول المستثمرين والشركات الكبرى عالمياً إلى السوق السورية".
لكن المحلل السياسي مازن بلال يرى أنه "من الضروري عدم المبالغة في تصوير النجاحات الدبلوماسية الخارجية؛ لأن النجاح الأهم يتركز في الملفات الداخلية".
وأضاف بلال لـ"إرم نيوز" أن "كل المسائل مرتبطة بالملفات الداخلية التي تبدو معقدة أكثر، لأنها مرتبطة بسيطرة دمشق على كامل سوريا، فالإنجاز الخارجي سيتبخر إذا لم يترافق مع إنجاز داخلي يضمن استمراره".
وأشار إلى أن "ملف الفصائل المسلحة يعد الأكثر تعقيداً أمام الإدارة السورية الجديدة".
وقال بلال إن "القدرة على ضبط الفصائل المسلحة هو التحدي الأساسي. فلا بد من النجاح في ضمها للجيش، بعيداً عن ولاءاتها الخاصة، إضافة إلى إيجاد حل لبعض الفصائل الخاضعة للعقوبات الدولية، وهو موضوع شائك أيضاً".
وحتى الآن، لم تدخل الإدارة السورية الجديدة الامتحان الحقيقي بعد، كما يرى المحلل بلال، ويشير إلى "الاستحقاق الأساسي المرتبط بإنجاز عقد اجتماعي جديد، يضمن المواطنة ويكون أساساً لعملية تداول السلطة بشكل ديمقراطي في المستقبل".