انسحب الجيش الإسرائيلي الأحد، من محور نتساريم العسكري، الذي يفصل شمال قطاع غزة عن مناطق الوسط والجنوب، وذلك تطبيقًا لأحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، والذي نص على انسحاب الجيش باليوم الـ22 من مرحلته الأولى.
ويأتي ذلك، بعد أكثر من عام على سيطرة الجيش الإسرائيلي على المحور ومنع السكان من التنقل بحرية بين مختلف مناطق القطاع، حيث يمتد المحور على طول 6.5 كيلو متر، وله أهمية استراتيجية من حيث الموقع الجغرافي.
ويستمد ممر نتساريم اسمه من مستوطنة نتساريم الإسرائيلية السابقة، التي كانت تقع على الطريق الساحلي في قطاع غزة.
وقد كانت المستوطنة جزءًا من خطة "الأصابع الخمسة"، التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أرييل شارون، بهدف تقسيم قطاع غزة إلى مناطق منفصلة تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية بالكامل.
ورغم تنفيذ بعض أجزاء الخطة، إلا أنها لم تكتمل، وذلك بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005، ومن ثم سيطرة حركة حماس على القطاع في عام 2007، ما أدى إلى تغيير المعادلة الأمنية في المنطقة.
ويرى الخبير في الشأن العسكري، واصف عريقات، أن هناك 3 دلالات رئيسة يمكن استنتاجها من انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم العسكري، لافتًا إلى أن أولاها تتمثل في رغبة القيادات السياسية والعسكرية بإنهاء القتال في غزة.
وأوضح عريقات، لـ"إرم نيوز"، أن "الدلالة الثانية تتمثل في نجاح الضغوط الأمريكية على إسرائيل للالتزام بالبنود الرئيسة من الاتفاق؛ ما يعكس رغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب للبدء في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي القتال بغزة".
الدلالة الثالثة، وفق الخبير العسكري، تتمثل في نجاح إسرائيل بفرض معادلة جديدة بغزة، واطمئنانها لآلية انتقال السكان من وسط وجنوب القطاع لغزة وشمالها؛ ما يعني أن الأوضاع العسكرية بالمناطق الشمالية ستبقى مستقرة.
وبين أن "إسرائيل تحاول إعطاء مؤشرات قوية للوسطاء على رغبتها بإتمام الاتفاق مع حماس وإعادة الهدوء لغزة؛ إلا أن ذلك يبقى مرهونًا بتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، والتوصل لتفاهمات بشأن المرحلة الثانية".
وأشار إلى أنه "رغم التزام إسرائيل بالانسحاب العسكري من المحور، فإنها تمتلك خطة بديلة من أجل التعامل مع سيطرتها العسكرية عليه، علاوة على أنها مهدت الطريق لعودتها إليه في أي وقت تشاء"، حسب تقديره.
وقال الخبير في الشأن العسكري، يوسف الشرقاوي، إن "انسحاب إسرائيل من المحور وفق اتفاق وقف إطلاق النار يمثل إشارة قوية إلى سعيها من أجل فتح حوار دولي بشأن اليوم التالي للحرب في غزة، واسقاط حكم حماس".
وأوضح الشرقاوي، لـ"إرم نيوز"، أن "تخلي إسرائيل عن المحور بسهولة يشير إلى أمريين رئيسين، الأول يتمثل في حصولها على تفاهمات سرية من الولايات المتحدة وحلفائها بشأن غزة والمنطقة، والثاني إمكانية رفضها الانسحاب من محور فيلادلفيا جنوبًا".
وبين أن "إسرائيل ستحاول اقناع الولايات المتحدة والوسطاء أنها قدمت تنازلًا جوهريًّا بالانسحاب من محور نتساريم والالتزام بما نص عليه الاتفاق؛ ما يعطيها الحق برفض الانسحاب من محور فيلادلفيا إلا في حال وجود ضمانات جوهرية لمخاوفها الأمنية والعسكرية".
وتابع قائلًا: "بتقديري الانسحاب الإسرائيلي السلس من المحور سيكون له ثمنه خلال المرحلة المقبلة، كما أن إسرائيل ستواصل السيطرة على المحور من خلال الرقابة الاستخباراتية، ونقطة التفتيش للسيارات القائمة بوسطه".