الكرملين: بوتين يجتمع مع كيم ويشكره على دعمه للجيش الروسي
كشفت مصادر حكومية متطابقة رفيعة المستوى عن موافقة الجانب العراقي على استعادة عناصر تنظيم "داعش" العراقيين المعتقلين في سجن "غويران"، الواقع في مدينة الحسكة السورية، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديقراطية، المدعومة من واشنطن.
وأكد أن الجانب التركي تعهد باحتجاز "الأجانب" منهم في منطقة "زون" يتم إنشاؤها على الحدود التركية السورية لحين تسليمهم لدولهم.
وقال ضابط كبير في، الأمن الوطني، لـ "إرم نيوز"، إن "هناك أكثر من 12 ألف من عناصر تنظيم داعش، من الجنسية العراقية، معتقلين في السجون السورية، بينهم ما يقارب 320 من القيادات المتقدمة والوسطى في التنظيم".
وأكد المصدر أن "الجانب العراقي تلقى عرضاً من تركيا بعد تشاورها مع التحالف الدولي والإدارة السورية الجديدة، يقضي بنقل العراقيين المنتمين لداعش من سجن غويران، إلى العراق ومحاكتهم وفق القانون العراقي".
وأضاف، أن "الأجهزة الاستخبارية تسلمت المقترح من القيادة السياسية وهي تناقش المقترح مع مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، لتشكيل لجنة مشتركة مع الأجهزة المختصة ذات العلاقة ودراسة إمكانية نقلهم إلى العراق".
وبين أن "التقييمات الأولية التي قدمت للقيادة السياسية هي ضرورة نقل هؤلاء إلى العراق كي نضمن عدم تسربهم وتهريبهم، وهناك موافقة مبدئية من العراق تجاه هذه القضية".
ويعد سجن "غويران" أو مايسمى سجن "الصناعة" واحداً من بين 26 معتقلاً في شمال شرق سوريا، حيث تتبع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وبإشراف مباشر من التحالف الدولي، والتي تضم آلاف المعتقلين من عناصر التنظيم.
وبعيد انهيار نظام (الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد) أبدى العراق مخاوفه من أن تعمل الإدارة الجديدة على إطلاق سراح عناصر تنظيم "داعش" من السجون السورية العاملة تحت إدارة "قسد" على غرار باقي السجون في دمشق وغيرها من المناطق، ولا سيما العراقيين منهم؛ مما سيشكل خطراً على العراق.
يقول عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، علي البنداوي، لـ"إرم نيوز"، أن "عملية تسلم عناصر تنظيم داعش، من قوات سوريا الديمقراطية ليست بالحدث الجديد، حيث سبق وأن تسلم العراق العشرات من تلك العناصر بالتنسيق مع التحالف الدولي، ومنها عام 2019 عندما تسلم أكثر من 2000 عنصر ممن حوصروا في الباغوز السورية".
وأضاف، أن "المرحلة الأولية من التفاهمات مع التحالف الدولي، تقضي بعملية تسليم (قسد) كل القيادات العليا والوسطى المعتقلين لديها، وانتظار استكمال التفاهمات مع الجانب التركي والإدارة السورية الجديدة لتسلم كل المعتقلين الآخرين".
وكانت أولى خطوات تواصل الحكومة العراقية مع الإدارة السورية الجديدة تمثلت بلقاء رئيس جهاز المخابرات العراقي، حميد الشطري، في (26 كانون أول 2024) مع قائد المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، المعروف سابقاً بأبو محمد الجولاني، إذ تمحورت المقابلة على طلب العراق من الإدارة الجديدة حماية السجون التي تحوي عناصر "داعش".
قال مصدر مطلع على فحوى زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى العراق، لـ"إرم نيوز"، إن "الجانب التركي كشف عن اتصالات يجريها مع التحالف الدولي، بهدف إنشاء منطقة (زون) عازلة على الحدود السورية التركية، يتم فيها إنشاء مخيمات لاستقبال عناصر داعش الأجانب المعتقلين لدى قسد، والتحفظ عليهم لحين تسليمهم إلى دولهم".
وأكد أن "العراق قدم ضمانات لمحاكمات عادلة لتلك العناصر في المحاكم العراقية وفق قانون مكافحة الإرهاب رقم (13) لسنة 2005، وقانون العقوبات العراقية، وأنه ملتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بهذا الجانب".
وتعكس خطوة موافقة العراق على نقل معتقلي "داعش" من سوريا، مساعي الحكومة العراقية على تحمل دور رئيس في محاربة الإرهاب، وتحقيق توازن بين مصالح داخلية (كالعدالة للأهالي)، وتحديات خارجية (كالضغوط الحقوقية).
وبحسب مراقبين، فإن نجاح تلك الخطة سيعتمد على الشفافية القانونية والتعاون الإقليمي والدولي، بينما قد يؤدي الفشل إلى تفاقم التوترات الأمنية أو السياسية.
وتحمل مساعي العراق لنقل سجن غويران من سوريا إلى العراق، عدة دلالات قانونية وسياسية وأمنية، بحسب الخبير الاستراتيجي، عائد شبيب، الذي عد هذا الإجراء جزءًا من سعي العراق لتأكيد سيادته على قضايا الإرهاب التي أثرت عليه بشكل مباشر.
وقال لـ"إرم نيوز"، إن "تنظيم داعش يعد تهديدًا وجوديًّا سابقًا للدولة العراقية، خاصةً أن العديد من المعتقلين متهمون بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد ينظر إلى هذه الخطوة كالتزام من العراق بمواجهة الإرهاب وفقًا للقانون الدولي، عبر ضمان محاكمات عادلة وفق معايير قانونية واضحة".
وأضاف أن "العراق اليوم يريد تطبيق قوانينه الوطنية على جرائم ارتكبت ضد شعبه ومؤسساته، خاصةً أن آلاف العراقيين كانوا ضحايا لهجمات التنظيم".
مخاوف أمنية
وكان مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، قد حذر في وقت سابق، من خطورة انهيار القوات المكلفة بحماية السجون التي تحوي عناصر تنظيم "داعش" في سوريا، فيما اشتدت المعارك في تلك المناطق، كاشفاً عن تسلم العراق أكثر من 2800 عنصر من داعش من قوات سوريا الديمقراطية خلال السنوات القليلة الماضية.
من جهته، يرى الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أحمد الربيعي، أن "العراق لم يكن مخيرًا في عملية تسلم عناصر تنظيم داعش من قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، بل هو مرغم على ذلك لضمان أمنه القومي، لما يشكله هؤلاء من خطورة على العراق مستقبلاً في حال تمكنوا من الخروج من السجون السورية".
وأضاف أن "هذه العملية تثير مخاوف أمنية عديدة، خاصةً مع احتمالية تسرب عناصر متطرفة أو محاولات تهريب داخل السجون، الأمر الذي سيحتاج إلى تعزيز إجراءات الأمن في السجون العراقية بعد نقلهم كون الأعداد المراد تسلمها تتجاوز أكثر من 7000 كتقديرات أولية".
وأشار إلى أن "المخاوف العراقية تكمن في أن يتم هناك صفقة بين تنظيم، داعش، وجهات فاعلة على الساحة السورية الحالية؛ وبالتالي اضطرار مواجهة العراق أولئك العناصر مرة أخرى فيما لو تمكنوا من اختراق الحدود العراقية".
مخاوف إنسانية
وتواجه عملية تسلم المعتقلين العراقيين مخاوف من تعرضهم لمحاكمات غير عادلة، ولا سيما أن مواد قانون الإرهاب من وجهة نظر، الحقوقي والناشط في مجال حقوق الإنسان، زياد الشمري، قاسية.
وقال، الشمري، لـ"إرم نيوز"، إن "الجوانب الإنسانية والقانونية ستكون من أولويات أي اتفاق مع التحالف الدولي ودول الجوار فيما يخص تسلم المعتقلين العراقيين من سوريا، حيث توجد مخاوف من احتمال تطبيق عقوبات قاسية (مثل الإعدام) على المعتقلين دون ضمان محاكمات عادلة؛ مما قد يُعرض العراق لانتقادات منظمات حقوق الإنسان".
وأضاف أن "العراق قد يواجه ضغوطًا دولية لضمان معاملة المعتقلين وفقًا لاتفاقيات جنيف والمعايير الدولية، خاصةً فيما يتعلق بحقوق الأطفال والنساء المرتبطين بتنظيم داعش".
وحول المقاتلين الأجانب، فإن الشمري يرى أن "العراق قد يدفع دولهم الأصلية إلى تحمل مسؤولية محاكمتهم، لكن ذلك قد يكون صعبًا في ظل رفض العديد من الدول استعادتهم".