برز مقترح نشر قوات دولية لتتولى مهمة رصد مواقع الجثث تحت الركام، في خضم الجهود الدولية لوقف الحرب على قطاع غزة، حيث يأتي المقترح كأحد البنود التي أُدرجت ضمن النقاشات المتعلقة بتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تعيق تنفيذ الاتفاق وتفتح الباب أمام تدخلات خارجية، رغم ما يبدو أنه بُعد إنساني للمقترح، لكن يبقى ضمن دائرة التساؤلات حول ماهية القوات ومهامها الحقيقية.
مرحلة معقدة
وقال المحلل السياسي وسام عفيفة إن "الحديث عن نشر قوات دولية في غزة يعكس تعقيدات تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب، في ظل غياب رؤية واضحة لطبيعة هذا الدور من قبل الأطراف الفلسطينية".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "التصريحات الأمريكية الأخيرة جاءت عامة، واقتصرت على التأكيد على دور هذه القوات في تحقيق الاستقرار وتسهيل دخول المساعدات، دون أي إشارات مباشرة لملف الجثث تحت الركام؛ ما يعكس ضبابية المشهد".
وتابع أن "طرح فكرة نشر قوات دولية في قطاع غزة يرتبط بتعقيدات المرحلة الثانية من خطة ترامب لإنهاء الحرب، في ظل غياب رؤية واضحة لدى الأطراف الفلسطينية، بما فيها حركة حماس، بشأن طبيعة هذا الدور أو آلية عمل المركز المزمع إنشاؤه للمراقبة".
وأشار إلى أن "الحديث عن نشر قوات دولية في غزة يتضمن سيناريو أمريكيًا يقترح استبدال القوات الإسرائيلية المنسحبة من مناطق الخط الأصفر بقوات دولية تتولى المراقبة أو الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار".
ولفت إلى أن "هذا المقترح لا يزال غامضًا"، متسائلًا عن طبيعة مهام هذه القوات وهل ستكون للفصل، أم للمراقبة، أم أن لها أدوارا أمنية ونزع السلاح، مؤكدًا أن غياب الإجابات الواضحة حتى الآن يفتح الباب لتكهنات حول نوايا تدخل دولي أوسع أو ترتيبات سياسية وعسكرية قادمة.
واستدرك أن "هذا الطرح لا يمكن فصله عن قضايا السيادة الفلسطينية وتركيبة الإدارة المستقبلية للقطاع، خاصة في ظل أفكار أمريكية تتحدث عن تشكيل هيئة فلسطينية لإدارته".
وقال إن "موافقة إسرائيل وحدها لا تكفي، وأن القرار يجب أن يكون فلسطينيًا جامعًا، خصوصًا مع تأكيد حركة حماس أن الأمر يتجاوز صلاحياتها وحدها"، مشيرًا إلى أن بعض الأطراف الأوروبية طرحت فكرة نشر قوات دولية في غزة بغطاء من مجلس الأمن، لضمان شرعيتها، وليس بناءً على مقترحات أحادية مثل "خطة ترامب".
وشدّد على أهمية توضيح دور هذه القوات من قبل الإدارة الأمريكية والدول المشاركة، بالإضافة إلى موقف فلسطيني، مشيرًا إلى أن النقاش لا يزال مفتوحًا ومعقدًا ويحتاج متابعة دقيقة.
من جانبه، قال المحلل السياسي ثابت العمور إن "مهام القوات الدولية وفق الخطة غير واضحة، وإن كان دخولها مؤقتًا للبحث عن الجثث فقط، فقد يحل مشكلة؛ لأن تسليم الجثث يعيق تنفيذ المرحلة الثانية".
وأضاف العمور لـ"إرم نيوز" أن "وجود قوات دولية تتدخل في الحياة اليومية للفلسطينيين يشبه الانتداب، وهو أمر غير مرحب به فلسطينيًا"، موضحًا أن أي نشر لقوات دولية يجب أن يتم تحت غطاء دولي، عبر قرار من مجلس الأمن يحدد مهامها بشكل واضح.
وتابع العمور أن "القوات الدولية ستتولى مهمات تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، مع التركيز على البحث عن الجثث ومراقبة أي خروقات محتملة، وقد تمتد مهامها مستقبلاً لمنطقة حدودية لمنع الاشتباكات بين المقاومة والاحتلال".
وأوضح أن "الفصائل الفلسطينية أبدت موقفًا واضحًا، مؤكدة أن المهام الحالية تقتصر على البحث عن الجثث، مع احتمال أن تشمل لاحقًا نزع السلاح، وهو موضوع معقد بسبب غموض تعريف السلاح في غزة (أنفاق، سلاح شخصي، ضبط أمني)".
واستدرك أن "هناك رفضًا لوجود قوات بديلة عن الجيش الإسرائيلي أو الفصائل، أو أن تكون شكلًا من أشكال الانتداب"، موضحًا أن قطاع غزة يحتاج فعليًا إلى أعداد كبيرة من القوات (30-50 ألف عنصر) لضبط الأمن، وهو رقم يفوق بكثير قدرات أي قوات دولية محدودة.
واعتبر العمور أن "تجربة وجود قوات دولية في مناطق مثل لبنان وسيناء تُعد نماذج يمكن الاستفادة منها"، مشيرًا إلى أن وجود قوات دولية في غزة سيكون مقبولًا إذا تم تحت مظلة مجلس الأمن وبشكل قانوني.
وأشار إلى أن الواقع الفلسطيني الحالي، مع الانقسامات، لا يترك خيارات كثيرة أمام الشعب الفلسطيني، وأن الحفاظ على وقف إطلاق النار هو الأولوية لدى كل الفصائل.
وحذر من أن تدخل القوات الدولية في الشؤون الأمنية الداخلية أو تشكيل قوة شرطية قد يخلق مشكلات إضافية، مؤكدًا أن مهام هذه القوات يجب أن تقتصر على تدريب الشرطة الفلسطينية والإشراف على الحالة الأمنية فقط.