أثار التفسير المتباين بين حماس وإسرائيل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إشكاليات قد تسبب أزمات خاصة فيما يتعلق بنشر قوة دولية لتثبيت وقف إطلاق النار، بصلاحيات تنفيذية من بينها نزع سلاح حماس.
وتطالب حماس بأن يكون دور القوة الدولية في المنطقة الحدودية الفاصلة بين قطاع غزة والمناطق التي كان يتمركز فيها الجيش الإسرائيلي قبل هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، لكن إسرائيل تريد منح القوة الدولية صلاحيات لإنجاز عدد من الملفات.
وقال بلال الشوبكي، مدير قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، إن الانفتاح على فكرة نشر قوة دولية أو بعثة دعم أممية في قطاع غزة لم يكن مرفوضًا من حيث المبدأ، بل حظي بقبول ضمني من الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، في إطار مقترح ترامب المتعلق بمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار".
وأوضح الشوبكي لـ"إرم نيوز" أن "الخلاف بدأ مع الدخول في مرحلة التنفيذ، حيث تبين أن لإسرائيل تفسيرًا خاصًا لبنود الخطة، خصوصًا فيما يتعلق بطبيعة دور القوة الدولية".
وأضاف: "إسرائيل تتعامل مع القوة الدولية على أنها قوة مساندة لقواتها، تنفذ ما عجزت هي عن تنفيذه".
وأشار إلى أن هذا التوجه لا يثير رفضًا فلسطينيًا فقط، بل يواجه اعتراضًا من قوى إقليمية دعمت المبادرة الدولية على أساس أنها تمهد لحل سياسي ووقف دائم لإطلاق النار، وليس لتحويلها إلى غطاء لتدخلات أمنية وعسكرية ضد الفلسطينيين.
وتابع أن "الموقف الفلسطيني حتى اللحظة لا يمكن وصفه بالرفض الرسمي للقوة الدولية في القطاع، بل إن الموافقة السابقة على مقترح ترامب – من قبل السلطة والفصائل بما فيها حركة حماس – تعني ضمنيًا قبولًا مبدئيًا بفكرة القوة الدولية المؤقتة في غزة، طالما أنها تهدف إلى إنهاء الحرب ولا تنتقص من السيادة الفلسطينية".
وأشار إلى أن التحفظات الفلسطينية المحتملة من الممكن أن تتركز على طبيعة المهام الموكلة لهذه القوة.
وقال: "أي دور أمني أو عسكري ضد الفلسطينيين سيكون مرفوضًا بشكل قاطع من قبل الفصائل الفلسطينية، كما أن تحويل القوة الدولية إلى بديل عن السلطة الوطنية الفلسطينية أو فرض شكل من أشكال الوصاية الدولية على القطاع لن يكون طرحًا مقبولاً من الفلسطينيين وأطراف إقليمية".
وأوضح أن إسرائيل لا ترغب بقوة أمنية دولية من شأنها أن تُقيّد قدرتها على مواصلة العمليات العسكرية، بل تفضّل أن تكون هذه القوة مُساندة لها في الميدان، وهو ما عكسه بوضوح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في تصريحاته الأخيرة.
مصلحة مشتركة
ومن جهته، قال المحلل السياسي شفيق التلولي إن "كلاً من حماس وإسرائيل غير معنيين بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق"، مشيرًا إلى أن نتنياهو يسعى إلى استمرار الحرب لأنها تشكل ورقة بقاء سياسية له ولتحالفه الحكومي.
وأضاف التلولي لـ"إرم نيوز" أن "إسرائيل ترفض التقدم نحو المرحلة الثانية لأنها لا تريد تعزيز الوحدة الوطنية بين غزة والضفة، التي تشكل خطوة مهمة نحو إقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما يعارضه نتنياهو وحكومته وهذا ما سيتطرق له مجلس الأمن لأول مرة".
وتابع "قرار مجلس الأمن الذي يتطرق لأول مرة إلى مسألة الدولة الفلسطينية يهدد وجود حركة حماس، من خلال نزع سلاحها وإنهاء دورها السياسي والإداري، خاصة بعد موافقتها على خطة ترامب ببنودها العشرين".
وأكد أن حماس تدرك تمامًا فقدان أوراق قوتها، وربما تضع شروطًا جديدة على موضوع القوة الدولية لضمان بقاء دورها في المشهد السياسي.
وأوضح أن "هذه التذبذبات في المرحلة الأولى تشكل خطرًا كبيرًا يعيد غزة إلى حالة الخطر المستمر".
وأشار إلى أن إسرائيل نجحت في التذرع بأن حماس هي من تعرقل الاتفاق، بهدف التخلص من الالتزامات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة، والسعي لإبطال الاتفاق عبر تحميل حماس المسؤولية.