كشفت مصادر محلية في مدينة درعا، حقيقة الاشتباكات التي دارت رحاها في مدينة بصرى الشام، ليلة أمس الخميس، مشيرة إلى أن الاشتباكات استمرت لساعات.
وقالت المصادر في تصريحات أدلت بها لـ"إرم نيوز"، إن الأمر بدأ مع محاولة اعتقال القائد المحلي بلال الدروبي، من قبل عناصر تابعين للفيلق الثامن بقيادة أحمد العودة، تحت مبرر اتجاره بالمخدرات مع مجموعته، ليتطور الأمر لاحقاً، إلى اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن العام التابعة للحكومة السورية وقوات "الفيلق الثامن" الذي يقوده أحمد العودة.
وأوضحت المصادر أن الاشتباكات اشتعلت بعد محاولة عناصر من الفيلق الثامن، الذي لم ينضم إلى وزارة الدفاع، اعتقال أحمد الدروبي، وهو قيادي سابق في الفيلق انضم، مؤخراً، إلى صفوف الوزارة.
وأسفرت المواجهات عن إصابة الدروبي، وشقيقه، وشخص ثالث خلال المواجهات.
وأضافت المصادر أن مدينة بصرى الشام ما زالت مغلقة ومحاصرة من قبل الفيلق الثامن، فيما لا تزال حملة المداهمات مستمرة.
وذكرت أن الفيلق الثامن قام بنصب 5 قواعد لصواريخ (تاو): اثنتان منها على مدخل بصرى الشام، واثنتان باتجاه السويداء، وواحدة في قلب بصرى الشام على الفندق، كما انتشرت 5 حواجز.
ووفقاً للمصادر، فإن القيادي في "الفيلق الثامن" حامد شبانة المعروف باسم "أبو أكرم محجة" يجهز من جهته، رتلاً لمؤازرة أحمد العودة، لفرض السيطرة الكاملة على بصرى الشام، فيما تحاول قوات الأمن العام، ووزارة الدفاع، فك الحصار، ما ينذر بتجدد المعارك من جديد.
اعتقالات لعناصر لأمن العام
أوضحت المصادر بأن الأحداث تأزمت عندما تدخلت مجموعات من الأمن العام إلى جانب القيادي المحلي بلال الدروبي، فحدثت اشتباكات بينها وبين الفيلق الثامن، ما أدى إلى إصابة 3 عناصر من وزارة الدفاع السورية، وجرى على إثرها اعتقال عدد من عناصر الأمن العام الذين آزروا الدروبي، فضلاً عن عدد من مسلحي مجموعة بلال الدروبي الذي رشحت معلومات عن اغتياله، فيما ذكرت المصادر أنه أصيب بإصابة بالغة خلال الاشتباكات.
وأشارت إلى أن قوات "الفيلق الثامن" حاصرت مقر الأمن العام في بصرى الشام وسط اشتباكات متواصلة، بينما تحاول اعتقال أي شخص انضم إلى وزارة الدفاع، وذلك في ظل حظر تجوال وإطلاق نار كثيف.
من هو أحمد العودة؟
يلقب أحمد العودة بأنه "رجل روسيا في الجنوب السوري" ومهندس التسويات مع النظام السوري السابق. قاتل تنظيم "داعش" وقوات النظام على حد سواء، لكنه عمل أيضاً لصالح الجيش السوري، وإن نأى بنفسه بوضوح عن محور حزب الله وإيران.
ينحدر أحمد العودة من مدينة بصرى الشام في محافظة درعا، ودرس الأدب الإنجليزي في جامعة دمشق، وأنهى خدمته الإلزامية في الجيش السوري قبل أن يسافر إلى خارج البلاد.
مع انطلاقة الثورة السورية، عاد العودة ليشارك في العمل المسلح ضد النظام، وانضم إلى صفوف الجيش السوري الحر، وأصبح قائد "كتيبة شباب السنة" التي توسعت وغيرت تسميتها أكثر من مرة إلى أن تم التوصل لتسوية بشأنها مع النظام السوري، في تموز/ يوليو 2018.
ويعرف عن العودة أنه لم يكن على وفاق مع جبهة النصرة أو فصائل أخرى إسلامية متشددة في المدينة، بالرغم من أنه قاتل إلى جانبها لتحقيق الهدف الأكبر: إسقاط النظام.
غرفة عمليات الجنوب
في 2018 بدأت قوات النظام السابق حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على الجنوب تزامنت مع اتفاق تسوية مع روسيا، التي كانت تدعم النظام السوري، لتسليم السلاح الثقيل وتسوية أوضاع المعتقلين.
وبات حينها العودة قائد ما يعرف بـ"اللواء الثامن" الذي يتبع تنظيمياً الجيش النظامي السوري، كما انضم لتشكيل "الفيلق الخامس" الذي يتبع شعبة الأمن العسكري في نهاية العام 2020. لكنه رغم ذلك بقي مستقلاً عن قوات النظام، ومتفرداً بقيادة عناصره البالغ عددهم نحو 8 آلاف.
مع بداية عملية "ردع العدوان" التي قادتها هيئة تحرير الشام، المدعومة تركياً، ضد النظام السوري، في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بدأت الفصائل في الجنوب تتحرك واستولت على مواقع حكومية ومقار أمنية وعسكرية. وفي السادس من كانون الأول/ديسمبر تشكلت "غرفة عمليات الجنوب" التي ضمت فصائل مسلحة من درعا والسويداء والقنيطرة. وبدأت القوى الموحدة زحفها باتجاه العاصمة.
قبل السادسة صباحاً يوم الثامن من كانون الأول/ديسمبر كان العودة ورفاقه أول قوى المعارضة التي تطأ أقدامها في ساحة الأمويين، ليسمع السوريون نبأ سقوط نظام الأسد بعد أقل من نصف ساعة.
ثم بدأ عناصر "الفيلق الثامن" بالتمركز حول بعض المرافق الحيوية الرئيسة للعاصمة، لكن لم تمضِ ساعات حتى بدأوا يعودون أدراجهم جنوباً بتوجيهات من قائدهم أحمد العودة.