"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
يرى خبيران أن الدعوة الروسية لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لزيارة موسكو تندرج ضمن استراتيجية الأخيرة لإعادة ترتيب أوراق نفوذها في سوريا ما بعد بشار الأسد؛ فبينما تُقدم الدعوة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية، إلا أن خفاياها تتعلق بالحفاظ على المصالح الاستراتيجية الروسية في المنطقة.
ويشير الخبيران إلى أن روسيا تسعى لتحقيق عدة أهداف مترابطة: الحفاظ على قواعدها العسكرية في سوريا كرافعة للنفوذ الإقليمي، وإعادة صياغة علاقتها مع السلطة الانتقالية الجديدة، وإدارة ملف بشار الأسد بطريقة تحفظ ماء وجهها.
في هذا السياق، يبرز سيناريو "الشراكة الإلزامية" الذي تروج له موسكو مع النخب الجديدة كبديل لعلاقة التحالف التقليدية مع نظام الأسد.
وحول هذا الموضوع، قال الخبير الروسي في العلاقات الدولية رولاند بيجاموف، إن هذه الدعوة أتت بعد اللقاء الأخير في أبريل الماضي في منتدى أنطاليا، عندما جمع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان نظيريه الروسي سيرغي لافروف والسوري الشيباني، حيث وجهت الدعوة من قبل لافروف.
وأضاف بيجاموف لـ"إرم نيوز"، أن الطموح الروسي يأتي في سياق النفوذ، خاصة فيما يتعلق بقواعدها في سوريا.
وأشار إلى أنه في شهر مارس تحدثت الرؤية الروسية حول مستقبل العلاقات بين البلدين وتم توجيهها إلى القيادة السورية الجديدة، وكان التركيز حول العلاقات التجارية والاقتصادية والإنسانية وغيرها.
وبالنسبة لمصير بشار الأسد، أشار إلى أنه ما من أي معلومات جديدة في هذا الشـأن، مبيّناً أن الأسد يتمتع بحق اللجوء الإنساني لا السياسي في روسيا وبينهما اختلاف كبير، وروسيا لا تسلم أي لاجئ إنساني لديها، فلو سلمته ستكون ضربة شديدة تقوض هيبتها العالمية.
ولفت إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين لا يسمح ما دام هو رئيس روسيا بتسليم بشار الأسد ولا في عهد أي رئيس روسي آخر، وفق قوله.
بينما رأى الكاتب والباحث السياسي، مالك الحافظ أن الدعوة الروسية لوزير الخارجية في الحكومة الانتقالية يمكن اعتبارها بمرتبة تمرين سياسي روسي على "المرونة الإمبراطورية" في إعادة التموضع داخل فضاء نفوذ كانت تهيمن عليه عبر تحالف مع نظام الأسد.
وأضاف الحافظ لـ"إرم نيوز"، أن موسكو، منذ لحظة سقوط النظام، لم تكن تُفكّر في انسحاب أو خفض للنفوذ، بل في إعادة تموضع وتكيّف مع بنية سلطوية جديدة لم تصنعها، لكنها تحاول احتواءها.
وأردف بأن النفوذ الروسي في سوريا لم يكن يوماً قائماً على الولاء الشخصي للأسد، بل على ثلاثة مرتكزات بنيوية، أولها التمركز العسكري على شواطئ المتوسط، وهو ما أتاح لها الوجود الاستراتيجي الأطول منذ انهيار الاتحاد السوفييتي.
وأوضح أن الأمر الثاني هو التحكم في المجال الجوي والسيادي السوري عبر القوة الصلبة، الذي منحها تفوقاً تفاوضياً في الملفات الإقليمية، من إسرائيل إلى تركيا. والثالث، شرعنة دورها كفاعل دولي في الأزمات الكبرى، مستندة إلى ملف "محاربة الإرهاب".
وأشار إلى أن سقوط الأسد لم يُسقط هذه الأعمدة، لكنه أعاد تعريفها، وفرض على موسكو الانتقال من مرحلة "الحليف الراعي" إلى مرحلة "الفاعل المُتكيّف"، التي تتطلب منها استخدام أدوات أكثر نعومة، مثل القنوات الدبلوماسية، وشبكات المصالح، واللعب على تناقضات السلطة الانتقالية الجديدة.
وفي السياق، بيّن أن ذلك يبرز جوهر الطموح الروسي، ليس فقط الحفاظ على النفوذ، بل إعادة إنتاجه بصورة جديدة، قد تتجاوز حتى فترة الأسد، عبر اختراق النخب الجديدة، وفرض منطق "الشراكة الإلزامية" بدل "التحالف التقليدي".
ولفت إلى أن هذا الطموح يتقاطع مع إدراك روسي متزايد بأن المسار السوري دخل لحظة إعادة تقاسم المصالح، خاصة أن هناك قوى إقليمية وعربية تعمل على هندسة نظام إقليمي جديد يستوعب السلطة السورية الناشئة.
وبين أن واشنطن تراقب دون تدخل مباشر، في ما يشبه سياسة "الاحتواء السلبي"، وفي ظل هذا الفراغ، تجد موسكو لنفسها مسوغًا استراتيجيًا لتأكيد وجودها، وإن كان عبر "خط رجعة" ناعم بدلاً من استعراض العضلات العسكرية.
أما مسألة مصير الأسد، وإن كانت لم تعد مطروحة من زاوية السلطة المباشرة بعد سقوط النظام، فقال إنها ما تزال حاضرة في بُعد أساسي ضمن الأجندة الروسية، المتمثل بالبعد الرمزي والسياسي.
وتابع: "لا يمكن فصل الأسد عن صورة روسيا في سوريا، لقد كانت موسكو هي الضامن الأول لبقائه، وهي التي بنت سردية كاملة تقوم على "استقرار النظام ضد الإرهاب".
وذكر أن موسكو، على الأرجح، ستحاول في هذه الزيارة إعادة تعريف "الخسارة" التي مُنيت بها، وتفاوض على إخراج الأسد من المشهد بطريقة تحفظ ما تبقى من هذه السردية، دون أن تُوضع في خانة المتواطئ أو المتخلي.
وختم بقوله إن روسيا ليست معنية بمصير الأسد لذاته، بل بمآلاته على مستوى "الشرعية البديلة"، أي ما إذا كانت السلطة الجديدة ستُبنى على "قطيعة جذرية"، أم ستُبقي بعض أدوات الاستمرارية الشكلية مع النظام السابق.