سجلت الهدنة الإنسانية المعلنة في قطاع غزة والتي تم التوصل إليها بوساطة دولية وإقليمية، العديد من الخروقات؛ ما أثار المخاوف من فشل الجهود المتعلقة بتمديدها.
وخرقت إسرائيل الهدنة بقتلها اثنين من الفلسطينيين وجرح آخرين على الحاجز الذي نصبته لجيشها في غزة، علاوة على تحليق طائرات الاستطلاع بعدد من مناطق الجنوب، إضافة لتعطيل دخول المساعدات لغزة وشمالها، وفق اتهامات من حماس.
واتهمت الحركة إسرائيل بالتلاعب بقائمة الأسيرات والأطفال المفرج عنهم في إطار الصفقة، فيما وجهت أطراف إسرائيلية اتهامات لحماس بخرق الهدنة بتأجيل تسليم أسماء الرهائن المفرج عنهم، وتأخير مواعيد تسليمهم.
وتباينت الآراء السياسية بشأن إمكانية تمديد الهدنة الإنسانية بين إسرائيل وحماس لأيام أخرى، خاصة بعد تأجيل الجناح المسلح للحركة السبت، تسليم الرهائن الإسرائيليين والأجانب، وربط ذلك بتسريع دخول المساعدات لغزة وشمالها.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني سهيل كيوان، أن "الخروقات التي سُجلت خلال اليومين الماضيين من الهدنة الإنسانية بغزة، لا يمكن أن تؤدي لفشلها أو تجدد القتال بين حماس وإسرائيل بالقطاع"، مرجحًا أن يتم تمديد الهدنة لأيام أخرى.
وقال كيوان لـ"إرم نيوز"، إن "الهدنة الحالية ستؤسس بالتأكيد لمفاوضات أكثر إيجابية بين حماس وإسرائيل، وستؤدي إلى هدنة جديدة وفق الشروط الحالية على أقل تقدير، وقد تكون بشروط أفضل".
وأضاف كيوان: "هذه الهدنة جاءت نتيجة جهود دولية وإقليمية استثنائية وضغوط غير مسبوقة على الجانبين، علاوة على أن الضمانة الأمريكية لها عامل مهم في نجاحها وتمديدها وفق اتفاق يرضي جميع الأطراف".
وأشار إلى أن "الخروقات التي سجلت من كلا الطرفين تم تجاوزها بنجاح من خلال الحوار المستمر للوسطاء مع حماس وإسرائيل، وهذا الأمر مؤشر قوي بشأن المضي في سيناريو تمديد الهدنة"، على حد تقديره.
ورجح أن "ينجح الوسطاء في تحسين الاتفاق الحالي بين حماس وإسرائيل، وأن يتم التوصل لاتفاق يقضي بالإفراج عن عدد أكبر من الرهائن في غزة مقابل عدد أكبر من الأسرى وزيادة في أعداد شاحنات المساعدات التي تصل لقطاع غزة وشمالها".
وأضاف كيوان أن "الهدنة الجارية حاليًّا كانت بالنسبة للولايات المتحدة والأطراف الأخرى خطوة أولية نحو إنهاء الحرب في غزة، وأعتقد أن تجاوب إسرائيل وحماس مع هذه الخطوة يأتي في إطار الرغبة بتحقيق الهدف ذاته".
واستطرد كيوان: "الحرب في غزة تقترب من نهايتها وأمامنا أيام أو أسابيع قليلة من أجل التوصل لصفقة شاملة بين إسرائيل وحماس"، مشددًا على أن هذه الصفقة ستكون في إطار خطوات تدريجية ينفذها كلا الجانبين.
في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني محمد هواش، أن "الخروقات التي سُجلت خلال الهدنة الإنسانية بغزة خلقت نوعًا من عدم الثقة بين الجانبين"، لافتًا إلى أن ذلك دفع الجناح المسلح لحماس لتأخير إطلاق سراح المحتجزين الليلة الماضية.
وأوضح هواش لـ"إرم نيوز"، أن "هذه الخروقات ستدفع حماس وإسرائيل للمطالبة بضمانات أقوى من أجل تمديد الهدنة، والدخول بمرحلة جديدة تتعلق بالمفاوضات على الصفقة الشاملة بما يضمن تنفيذ بنودها".
ووصف المفاوضات المتعلقة بتمديد الهدنة الإنسانية "بالمرهقة لجميع الأطراف"، مؤكدًا أنها لن تكون سهلة مطلقًا، ولكنها ستؤدي إلى اتفاق ملزم لحماس وإسرائيل يضمن وقفًا طويلًا لإطلاق النار بين الجانبين.
وأضاف: "صحيح أن الخروقات التي سُجلت من كلا الطرفين ليست كبيرة، ولا يمكن أن تؤدي لتجدد القتال خلال أيام الهدنة، لكنها ستصعّب مهمة المفاوضين وسترفع من سقف المطالب لكلا الجانبين وبالتالي تزداد الترجيحات بتجدد القتال بعد انقضاء هدنة الأيام الأربعة".
واستكمل: "بتقديري، حال تجدد القتال بين الجانبين فإن وتيرة المواجهة ستكون أعنف من السابق، وسيعمل الجيش الإسرائيلي بكل قوة على توجيه ضربات قاسية لحماس وسكان غزة، في حين ستقوم الحركة بالتركيز على المواجهة البرية".
وأشار هواش، إلى أن "التقديرات تشير إلى أن إسرائيل غير مستعدة لوقف الحرب على غزة في الوقت الحالي رغم رغبة المستوى السياسي بذلك، خاصة أن وقف الحرب يعني محاسبة جنرالات الجيش والمسؤولين الأمنيين".
واستطرد: "أما حماس فربما نجحت جزئيًّا بترجيح كفتها على حساب الكفة الإسرائيلية، خاصة بعد التراجع الإسرائيلي عن الكثير من الشروط المتعلقة بالهدنة، وهي الآن استعادت جزءًا من عافيتها للمواجهة البرية، لكنها لم ترمم ترسانتها الصاروخية"، وفق تقديره.