تنتهج إسرائيل سياسة الاغتيالات ضد خصومها مستغلة إمكانيات استخباراتية وعملياتية هائلة توفرها لجهاز الموساد المكلف بتنفيذ ومتابعة مثل هذه العمليات، التي ذهب مراقبون إلى وصفها بـ"حرب الظلال".
وهذه السياسة تسعى لتحقيق سلسلة من الأهداف التي تجعل هذه العمليات أكثر نجاعة بالنسبة لإسرائيل.
وقُتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، فجر الأربعاء، في العاصمة الإيرانية.
وكان هنية يزور طهران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، بعد ساعات قليلة من إعلان إسرائيل تصفية فؤاد شكر، بغارة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو المطلوب الذي تصفه إسرائيل بأنه رئيس أركان ميليشيا حزب الله.
ويثير تركيز إسرائيل على سياسة الاغتيالات تساؤلات بشأن أهمية مثل هذه العمليات بالنسبة لها، وما إذا كانت تحقق لها أهدافًا سياسية وأمنية مزدوجة، من دون أن تدفع أثمانًا باهظة، بالرغم من عدم إعلانها رسميًا مسؤوليتها عن تلك العمليات.
معارك بين الحروب
يرى المراسل العسكري لموقع "واللا" العبري، أمير بوخبوط، أن "سياسة الاغتيالات الناجحة والدقيقة أثبتت أنها السلاح الذي يضرب أعداء إسرائيل بدقة كبيرة، خاصة أنها لا تؤذي غير المتورطين في أعمال ضد الإسرائيليين".
وقال بوخبوط، في مقال تحليلي له، إن "هذه السياسة تستخدم في إسرائيل فيما لم تنجح إيران وحلفاؤها في استخدامها"، متابعًا: "المسؤولون الإيرانيون يدركون تطور سياسة الاغتيالات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وبدؤوا يخشون على مصيرهم".
وبين أنه "وعلى إثر عمليات الاغتيال التي جرت فجر الأربعاء؛ فإن حزب الله يريد من حماس إنهاء الحرب مع إسرائيل والتوصل لاتفاق تهدئة، متابعًا: "حتى في حال التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل، فإن الأخيرة لن تتسرع بالتوصل لاتفاق مع حزب الله بأي ثمن، وستصر على الشروط التي تناسبها".
ولفت إلى أن "استراتيجية المعارك بين الحروب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي منذ عدة سنوات تسعى أساسًا لإبعاد الحرب القادمة، ويمكن وصفها بحرب الظلال التي تتصدر المشهد العسكري الإسرائيلي منذ سنوات".
وحسب رأيه، فإن "الجيش الإسرائيلي اعتمد منذ تأسيسه على العمليات السرية في العديد من المناطق الجغرافية، حيث يعمل على التصدي لأي مخاطر تواجه إسرائيل من أي جهة كانت من دون الانجرار لحرب شاملة".
وبين أن "هذه الاستراتيجية تقوم بالأساس على اغتيال مسؤولين كبار في المنطقة مرتبطين بعمليات تستهدف إسرائيل وتهريب الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية من إيران لغزة ولبنان؛ لكن من دون الإعلان عنها بشكل رسمي".
سياسة ناجحة
ويرى الخبير في الشأن العسكري، أحمد عبد الرحمن، أن "سياسة الاغتيالات الإسرائيلية من أنجح السياسات الأمنية والعسكرية، خاصة أنها تحقق النتائج المرجوة من دون أي خسائر أو أضرار جانبية لإسرائيل.
وقال عبد الرحمن، لـ"إرم نيوز"، إن "الاغتيالات تمكّن إسرائيل من التخلص من أعدائها من دون أي دفع ثمن ذلك سياسيًا أو عسكريًا أو أمنيًا، خاصة أن مثل هذا النوع من العمليات يبقى سرياً للغاية، وتحضر له المؤسسات المختصة بدقة ولفترة من الزمن.
وأوضح أن "إسرائيل تبنت منذ عقود استراتيجية الاغتيالات، وتمكنت من الوصول إلى الكثير من الشخصيات الذين كانوا يشكلون خطرًا كبيرًا عليها، والذين كان أبرزهم القادة الفلسطينيين، سواء السياسيون أو العسكريون".
وأشار إلى أن "هذا الأسلوب يحقق للمسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين إنجازات كبيرة، ويمكنهم من تخفيف أي ضغوط يمكن أن تمارس عليهم بشأن حماية إسرائيل"، مبينًا أن إسرائيل تطور جهازها المختص بذلك وأدواته العسكرية والأمنية بشكل دوري.
وحسب الخبير العسكري، فإن "إسرائيل وصلت لمستويات غير مسبوقة بعمليات الاغتيال، وأثبتت باغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس أنها قادرة على الوصول إلى أي شخصية تمثل تهديدًا أمنيًا لها، وفي أي منطقة بالعالم"، مؤكدًا أن اغتيال هنية في قلب طهران رسالة عسكرية قاسية للإيرانيين.