يرى خبراء أن خطة إسرائيل لتدمير أنفاق غزة تمثل مرحلة جديدة من الحرب، لا تقل خطورة عن المواجهة الميدانية السابقة، إذ تهدف من خلالها إلى فرض واقع إنساني وجغرافي جديد يجعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة.
وأشاروا في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن هذا الأمر يتجاوز البعد العسكري ليصل إلى محاولة ممنهجة لإطالة أمد الصراع وعرقلة المساعدات الإنسانية، وسط تقديرات بأن العملية ستخلف أضرارًا بيئية وعمرانية هائلة قد تمتد لسنوات طويلة.
ويرجح الخبراء أن إسرائيل تسعى من خلال ذلك إلى تحويل الحرب إلى حرب استنزاف شاملة تضعف بنية غزة التحتية والبشرية في آنٍ واحد، وتفتح الباب أمام إعادة هندسة ديموغرافية للقطاع تحت غطاء حماية الأمن القومي بذريعة تدمير الأنفاق.
إطالة أمد الحرب
وقال المحلل السياسي والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور عدنان الصباح إن الهدف الحقيقي مما يجري في قطاع غزة من مناورات وخدع تمارسها إسرائيل هو إطالة أمد الحرب على القطاع وبالتالي تأخير وصول المساعدات الإنسانية وغير ذلك.
وأضاف الصباح لـ"إرم نيوز"، أن لتدمير الأنفاق آثارًا جانبية كثيرة ستسبب أضرارًا بيئية وعمرانية، إلى جانب أن هناك كلفة حقيقية على الوضع الإنساني والبشري، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات تعني أن تصبح الحياة في غزة غير ممكنة، بحيث تصبح الحلول الفردية هي الحل الوحيد بالنسبة للمواطن الغزّي في ظل عدم وجود أفق لحل حقيقي سريع أو قريب أو حتى ممكن.
ولفت إلى أن ما تقوم وما ستقوم به إسرائيل يجعل من الحرب لا نهاية لها، وأيضًا ما من مصلحة إسرائيلية للعودة إلى الآلية القديمة؛ لأن لها الآن قدرة كبيرة على مواصلة الحرب بطرق كثيرة، وهذه التصرفات تعني أن الحرب انتقلت من شكل إلى آخر.
وأكد الصباح أن ما تقوم به إسرائيل هو تنفيذ رؤية ترامب أي جعل غزة دون سكان ودون بنيان ليسهل الإطباق عليها كلها؛ ما يعني أن التفكير يذهب نحو تحويلها إلى مستوطنات إسرائيلية وهناك اليوم سعي حقيقي لذلك.
ملف شائك
المحلل السياسي محمد القيق قال إن إسرائيل تدرك جيدًا أن ملف الأنفاق ملف شائك وكبير ومعقد ولا يمكن لأي كان أن يكتشف شبكة الأنفاق، مشيرًا إلى أن حركة حماس تعمل على ترميم الأنفاق وتجهيز معداتها بمساعدة أطراف خارجية، وإسرائيل تعلم ذلك جيدًا.
وأضاف المحلل الفلسطيني لـ"إرم نيوز"، أن ما يحدث اليوم يعني أن الدول العربية ستشعر بقلق مجددًا حول ملف غزة جراء هذا الأمر، خاصة بعد ضربة قطر، كما تخلخلت الثقة بعد الانتهاكات الإسرائيلية؛ ما يعني أن خيارات إسرائيل محدودة، وهي مضطرة إلى الذهاب نحو مواجهة في غزة وفرض معادلات جديدة، ومنع أي قوة دولية من دخول غزة.
وأوضح أن الجانب الأمريكي بدوره يحاول أن يبتز الفلسطينيين لكن دون الذهاب إلى التصعيد على عكس إسرائيل التي تريد الذهاب نحو جولات متزامنة في لبنان واليمن وصولًا إلى إيران.
واختتم المحلل حديثه بالقول: إن تدمير الأنفاق خلطٌ لكلِّ الأوراق. والقول إن حماس من بدأت أحداث الـ7 من أكتوبر، لكن النهاية إسرائيل من ستقررها، وتدمير مواقع حماس وأنفاقها، قد تضع حدًّا لهذه الحرب.