مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
وضعت مهلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحركة حماس بشأن الموافقة على الخطة التي أعلنها لإنهاء الحرب في قطاع غزة، الحركة أمام خيارات أحلاها مرٌّ، مع ترقب الإعلان عن موقفها من الخطة، بحسب خبراء.
وقال ترامب إن "أمام حماس 3 إلى 4 أيام للرد على الخطة"، محذرًا الحركة من "نهاية حزينة للغاية" في حال رفضها لها.
ومع اقتراب انتهاء المهلة الزمنية يزداد الضغط على الحركة، التي تجد نفسها أمام خيار قبول الخطة التي تفرض نزع سلاحها وإقصاءها من المشهد السياسي، أو مواجهة تصعيد عسكري إسرائيلي مفتوح بدعم أمريكي معلن.
وقال المحلل السياسي عبد الكريم عاشور، إن "حماس، اليوم، أمام مفترق حاسم: إما أن تختار البقاء كحركة وسلطة، أو أن تحافظ على بقاء الشعب الفلسطيني في غزة"، واصفًا هذا التحدي بـ"الوجودي". وانتقد عاشور رهان الحركة على الوقت خلال الأشهر الماضية، معتبرًا أن ذلك كان "خطأً إستراتيجيًا".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "الوقت لم يكن يومًا في صالح حماس، بل كان في صالح إسرائيل، وكان بإمكانها، قبل عام، الاتجاه نحو تسويات تحفظ الحد الأدنى من الحقوق الوطنية دون الوصول إلى الانهيار الميداني والإنساني".
وتابع: "حماس وصلت إلى مرحلة اللاعودة، وجرّت خلفها الشعب الفلسطيني إلى مصير كارثي بسبب الخيارات غير المدروسة والتي تكشف غياب المحاسبة والمسؤولية الوطنية"، محمّلًا الحركة مسؤولية الوضع الإنساني المأساوي غير المسبوق الذي يعيشه أهالي غزة اليوم.
وحذّر عاشور من الاستمرار بنفس النهج دون مراجعة جادة يعمّق الأزمة، مضيفاً أن "الفرصة للإنقاذ تضيق بسرعة، وأن المطلوب، اليوم، هو تحرك وطني مسؤول يتجاوز الحسابات الفصائلية، وأن ما يجري درس قاسٍ يجب أن يُقرأ جيدًا فلسطينيًا".
وأفاد عاشور بأن "السلاح المتبقي بيد حماس لم يعد يُشكّل أي معادلة قوة بل ورقة مناورة، وليس له أية جدوى عسكرية أو قدرة على التأثير، وأن أي سلاح لا يستطيع حماية طفل صغير، لا يُعد سلاحًا، وما تبقى لا يكفي لتغيير المعادلة".
وتابع: "حماس أُقصيت فعليًا من المشهد، وأن اللحظة السياسية الراهنة لم تعد تتعلق بالمقاومة أو التفاوض بل بفرض واقع جديد بدعم دولي واسع".
وأضاف: "الشعب الفلسطيني جُرّ إلى هذا المأزق، وأن خطة ترامب، رغم ما تحمله من إجحاف وظلم سياسي للشعب الفلسطيني، أصبحت خطة دولية وليست فقط أمريكية أو إسرائيلية، بعد أن حظيت بدعم علني أو ضمني من معظم الدول الكبرى".
من جانبه، يرى المحلل السياسي أشرف عكة أن خطة ترامب ليست مجرد خيار لحماس، بل تعكس توجّهًا إقليميًا ودوليًا واسعًا، مشيرًا إلى أن "من رحّب بالمبادرة فعل ذلك لأنها تدعو إلى وقف الحرب والتهجير، وتطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة".
وقال لـ"إرم نيوز": "النقاش الحالي لا يدور حول القبول أو الرفض، بل حول آليات التنفيذ والتعديلات الممكنة، خاصة ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي، وجدولة تطبيق البنود زمنيًا".
وأضاف: "المبادرة تحاول خلق توازن بين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من جهة، والضمانات الأمنية الإسرائيلية من جهة أخرى، بوجود أطراف دولية وعربية فاعلة داخل هذه المعادلة ما يعكس تغيرًا في مستقبل القضية والحكم في غزة".
وتابع: "موقف حماس من خطة ترامب قد لا يكون رفضًا قاطعًا، بل أقرب إلى نعم، ولكنه مرهون بضمانات إقليمية واضحة، وتعديلات تُراعي المسائل الجوهرية للحركة، وعلى رأسها الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي، وإشراف عربي خلال المرحلة الانتقالية".
ويرجّح عكة أن هناك عاملين قد يدفعان حماس إلى التريث أو الرفض، "أولًا، عدم تطابق النسخة الحالية من الخطة مع ما جرى التفاوض عليه سابقًا، وربما افتقارها لدعم عربي فعلي رغم التصريحات المرحّبة، وثانيًا، وجود متغيرات إقليمية قيد التحضير قد تغيّر مشهد التسوية، ما يجعل توقيع اتفاق نهائي مع إسرائيل، الآن، مخاطرة غير محسوبة".
وبيّن أن "موافقة حماس على الخطة مرهونة بالتفاصيل والضمانات العملية، لا بالشعارات السياسية، وقد تعتمد على اطمئنانها للأدوار العربية وضماناتها، خاصة إذا ارتبطت بتحويل الحركة إلى حزب سياسي، وتنظيم انتخابات فلسطينية، وتوحيد المؤسسات".
وأضاف: "رفض حماس لخطة ترامب قد يمنح نتنياهو ضوءًا أخضرَ لاستكمال العملية العسكرية، وهو ما سيبرره الأمريكيون بأنهم قدموا مقترحًا لتسوية سلمية لكن حماس رفضت".
وحذّر عكة من أن أي رفض للخطة دون بدائل مدعومة إقليميًا قد يؤدي إلى مزيد من سفك الدم الفلسطيني، في ظل غياب خيارات فعلية لدى الأطراف، وتحرّكات عسكرية إسرائيلية وأمريكية متسارعة قد تُحدث تحولات ميدانية كبرى في أي لحظة.