logo
العالم العربي

بعد 14 عامًا.. ماذا تغير في الموقف الروسي من اللاجئين السوريين؟

بعد 14 عامًا.. ماذا تغير في الموقف الروسي من اللاجئين السوريين؟
لاجئون سوريونالمصدر: UNHCR
11 أبريل 2025، 3:09 م

بعد سنوات من تجاهل طلبات اللجوء السوري وتبرير ذلك بأن سوريا "ليست منطقة نزاع مسلح رسميًا"، فاجأت روسيا المراقبين بقبولها استقبال عدد من اللاجئين السوريين، في تحول لافت في سياستها التي استمرت لأكثر من 14 عامًا.

ومُنذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، رفضت روسيا منح صفة اللجوء للسوريين الفارين من الحرب، بل وقامت بترحيل بعضهم قسرًا، وفي عام 2016، نددت منظمة العفو الدولية بمحاولة روسيا ترحيل ثلاثة لاجئين سوريين، معتبرة ذلك انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي.

ولكن خلال الشهور الماضية، بدأت مؤشرات على تغير هذا النهج، وأعلنت وسائل إعلام روسية رسمية عن وصول دفعات صغيرة من اللاجئين السوريين.

ووفقًا لما نقلته وكالة "ريا نوفوستي" عن مسؤول روسي رفيع، لم يُكشف عن اسمه، أن روسيا ترى في احتضان بعض العائلات السورية المتضررة رسالة إنسانية تعكس عمق العلاقة بين الشعبين.

وأكدت وسائل الإعلام الروسية، أن موسكو تحاول الضغط على أوروبا التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين، للتخفيف من العقوبات المفروضة على النظام السوري، تحت ذريعة أن عودة اللاجئين ممكنة، وبالتالي لا مبرر لبقائهم في دول الجوار أو أوروبا.

ومع المحاولات الروسية لتأكيد حضورها كلاعب لا غنى عنه في ملف سوريا، يبقى التساؤل الأبرز، هل يشير هذا التحول المفاجئ إلى تغير حقيقي في السياسة الروسية تجاه اللاجئين، أم إنه مجرد ورقة ضغط دبلوماسية جديدة في لعبة المصالح الدولية؟

لجوء روسي وحوافز أوروبية

ويرى الخبراء، أن سياسة روسيا تجاه اللجوء تميزت بالانفتاح في المبدأ، لكنها لم تكن داعمة من الناحية المادية، خاصة أبواب اللجوء الروسية مفتوحة أمام من يطلب الحماية من مناطق النزاع، لكن من دون الحوافز التي تقدمها الدول الأوروبية، ما جعلها خيارًا أقل تفضيلًا لغالبية اللاجئين.

وأشار الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن موسكو استقبلت خلال سنوات الحرب في سوريا عائلات ضباط وشخصيات من النظام السابق، وساعدت بعضهم في التنقل وتأمين مغادرتهم، خاصة النساء والأطفال، لكنها لم تمنحهم امتيازات مادية كما تفعل الدول الأوروبية. 

وأوضح الخبراء، أن روسيا لم تستقبل لاجئين بالمعنى القانوني المعتمد دوليًا، بل كانت الأعداد محدودة وتشبه حالات الهجرة الفردية، نتيجة صعوبة الدخول غير الشرعي إلى أراضيها. 

وأضاف الخبراء، أن روسيا تميل إلى منح اللجوء لأشخاص مرتبطين بالنظام السابق ممن ترى أنهم خدموا مصالحها، في مقابل تجاهلها للحالات الإنسانية الأخرى التي لا تندرج ضمن هذا الإطار السياسي.

سياسة مفتوحة دون مساعدات مالية

وقال محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن سياسة اللجوء في روسيا تختلف جوهريًا عن نظيرتها في أوروبا، إذ لا يتضمن القانون الروسي تقديم مساعدات مالية لطالبي اللجوء. 

وأوضح في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن موسكو لم تطلب من اللاجئين السوريين أو غيرهم من شعوب الشرق الأوسط العودة القسرية، لكنها في الوقت ذاته لا توفر دعمًا ماديًا، بل يتوجب على اللاجئ أن يعمل ليعيل نفسه.

وأضاف الأفندي، أن كثيرًا من السوريين وصلوا إلى روسيا بجهود فردية وقدموا طلبات لجوء، لكن الأغلبية فضّلوا التوجه إلى أوروبا حيث تُمنح إعانات مالية منتظمة. ولذا، فإنه يمكن القول إن أبواب روسيا ظلت مفتوحة لطالبي اللجوء من مناطق النزاع، دون فرض قيود صارمة على دخولهم.

وأشار الخبير في الشؤون الروسية إلى أن موسكو استقبلت خلال فترة انهيار النظام السوري، أفرادًا من نظام بشار الأسد، من بينهم عائلات ضباط وأفراد من الطائفة العلوية، وقد منحتهم حق اللجوء السياسي دون أي تمويل شهري، وأن موسكو ساعدت بعضهم في التنقل، خاصة النساء والأطفال المهددين، عبر تأمين رحلات الطيران لهم.

وأوضح أن السلطات الروسية أعدّت قائمة بأسماء الراغبين في اللجوء من الطائفة العلوية في الساحل السوري، ممن تعرضوا للاضطهاد أو الخطر، مؤكدًا أن باب اللجوء لم يُغلق رغم استمرار النزاعات في الشرق الأوسط، ما أتاح لبعض السوريين الحصول على وضع قانوني داخل الأراضي الروسية.

المهاجرون والقانون الدولي 

وبدوره، قال رامي القليوبي، الأستاذ الزائر في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، إن روسيا وعلى مدى أكثر من عقد، لم تستقبل لاجئين وفقًا للمفهوم القانوني الدولي، بل استقبلت أعدادًا محدودة أقرب إلى تصنيف "مهاجرين".

وأرجع القليوبي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، ذلك إلى صعوبة التمييز بين إجراءات اللجوء والهجرة في السياق الروسي، ولا سيما أن طالب اللجوء، بحسب القانون الدولي، يجب أن يدخل البلد المطلوب اللجوء إليه بطرق غير شرعية، وهو أمر نادر في الحالة الروسية بسبب موقعها الجغرافي.

وأضاف الأستاذ بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، أن الغالبية العظمى من طالبي اللجوء السوريين توجّهوا إلى تركيا، بوصفها الأقرب جغرافيًا، وإلى ألمانيا التي ألغت في وقت سابق شرط تقديم الطلب في أول بلد يصل إليه اللاجئ، ما جعلها وجهة رئيسة.

وأوضح أن هناك شائعات متزايدة حول منح روسيا حق اللجوء والإقامة لأشخاص محسوبين على نظام الأسد السابق، خاصة من يرون أنفسهم مهددين بعد تصاعد نفوذ جماعات مسلحة مثل "هيئة تحرير الشام" التي ارتكبت مجازر في الساحل السوري.

وأكد القليوبي أن روسيا تتعامل ببراغماتية مع حلفائها السابقين، حيث منحت اللجوء لعائلة الأسد وربما تمدّه أيضًا لضباطه وأتباعه، في إطار سياستها الثابتة بعدم التخلي عمن خدموا مصالحها في سوريا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC