نسف مهندسو العملية السياسية في ليبيا الأنباء الواردة بخصوص إنهاء دور مجلسيِّ النواب والدولة من أي خريطة طريق يفترض أن تعلن عنها الأمم المتحدة الشهر المقبل، وذلك مع انتهاء استطلاع رأي عام بشأن خيارات تحقيق التسوية السياسية.
وحسمت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه في آخر مقابلة صحفية، مصير المؤسسات الليبية الحالية الحاكمة، مكرّرة القول إن البعثة "ليست صانعة قرار"، وإنما الولاية التي لديها لا تسمح من تلقاء نفسها باتخاذ إجراءات لتعيين أو إقالة الحكومات.
وصوّت الليبيون على إحدى مقترحات اللجنة الاستشارية الأربعة في استطلاع للرأي أطلقته الأمم المتحدة، وانتهى يوم 30 يونيو الماضي، ويتعلق المقترح الأول بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة مع تعديلات على القضايا الخلافية في قوانين الانتخابات الحالية، والثاني إجراء انتخابات تشريعية أولًا، يليها اعتماد دستور دائم، ثم إجراء انتخابات رئاسية.
أما المقترح الثالث فهو: اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات العامة، والرابع هو إنشاء لجنة حوار سياسي وفقًا للمادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، لتحل محل جميع المؤسسات موقتًا، واستكمال قوانين الانتخابات، واختيار حكومة مؤقتة.
ويرى المحلل السياسي فرج فركاش أن تيتيه تتحرك في مساحة ضيقة مليئة بالألغام والمعرقلين، وتواجه أطرافاً داخلية لا ترغب بحل شامل، مما يجعل دور البعثة محصوراً في إدارة الأزمة لا حلّها، في ظل غياب إرادة داخلية وتوافق إقليمي ودولي حقيقي.
وقال فركاش لـ"إرم نيوز"، إن تيتيه بحاجة إلى انخراط الأطراف الفاعلة في الشرق والغرب في أي خريطة طريق تقدمها، ولعل اجتماع برلين أعطى انطباعاً بنوع من عودة الاهتمام الدولي.
"ولكن تيتيه تحتاج إلى توافق إقليمي، خاصة بين الجارة مصر وتركيا وأيضاً إلى التركيز على التقدم خطوات كبيرة في ملف توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وعلى الملف الدستوري المهمل حتى يتم الحكم عليها بأي نوع من النجاح"، مبدياً رفضه للاستمرار في مراحل انتقالية فاشلة ومغازلة الأطراف الداخلية، والذي يعطي انطباعاً أن البعثة والمجتمع الدولي ليس لديهم خيارات سوى الاستمرار في إدارة الأزمة وفق فركاش.
بدوره، يرى الباحث السياسي إدريس بوفايد، أن المشكلة في ليبيا ليست في قبول الأطراف لخريطة طريق ما أو عدم قبولهم لها، ولا في قبول الأطراف للنتائج المترتبة عليها من عدم قبولهم لتلك النتائج.
وأضاف، "إنما المشكلة هي في مدى التزام الأطراف بخريطة الطريق المجمع عليها، والمسلّم بها أصلاً والمتمثلة في تسليم الجميع بالإعلان الدستوري كدستور ليبي مؤقت حتى صدور الدستور الدائم، والقسم على احترامه".
وأشار بوفايد إلى خريطة الطريق المجمع عليها والمسلّم بها منذ 3 أغسطس 2011، وهي الالتزام باستفتاء على مشروع الدستور المنجز، فاعتماد الدستور الدائم وقوانين انتخابية فانتخابات نزيهة وشفافة برقابة محلية وإقليمية ودولية، وهذه الخريطة المصيرية ليست للحوار ولا للنقاش أو الجدال وحق الطعن والاعتراض في أي إجراء في مسار إنفاذها مكفول بحسب ما ينظمه القانون.