ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
برغم مرور عام كامل على انتخابات برلمان إقليم كردستان، لا تزال مؤسسات الإقليم تعيش حالة فراغ سياسي بسبب تعذر تشكيل الحكومة الجديدة، في ظل خلافات معقدة بين الحزبين الرئيسين "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني".
لكن اللقاءات المتصاعدة بين مسعود بارزاني وبافل طالباني خلال الأيام الأخيرة فتحت الباب أمام احتمالات إنهاء هذا الجمود أو ترحيله إلى ما بعد الانتخابات العراقية المقبلة.
والانتخابات الكردية التي جرت في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أفرزت برلماناً يضم 100 مقعد، حصل فيها الحزب الديمقراطي على 39 مقعداً، فيما نال الاتحاد الوطني 23 مقعداً؛ ما جعلهما الطرفين الأبرز القادرين على تشكيل الحكومة لو توافقا منذ البداية.
وشهدت الأسابيع الماضية تصاعداً في وتيرة اللقاءات بين الجانبين؛ إذ اجتمع بارزاني وطالباني في أكثر من مناسبة، وسط حديث عن تفاهمات مبدئية، حيث ترافقت هذه الاجتماعات مع عودة طالباني من زيارة إلى واشنطن، ربطت مصادر كردية بينها وبين ضغوط أمريكية لحث الحزبين على الإسراع في إنهاء حالة الجمود.
وأوضح عضو الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي أن اللقاءات التي جرت خلال الأيام الماضية "تعتبر خطوة مهمة نحو تشكيل حكومة إقليم كردستان، رغم عدم صدور بيان رسمي يوضح مخرجاتها"، مبيناً أن "كثرة الاجتماعات السياسية والفنية تعكس رغبة جدية في معالجة الأخطاء الماضية وتحسين الأداء الحكومي والإداري".
وأضاف الهركي لـ"إرم نيوز" أن "اللقاءات على مستوى القيادة مؤشر مهم على أن هناك تقدماً في المفاوضات، لكن ربما نشهد تأجيل منح الثقة للحكومة إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية العامة في العراق، بسبب ضيق الوقت واقتراب انطلاق الحملات الانتخابية".
ويؤكد مراقبون أن تأخر ولادة الحكومة العاشرة في الإقليم هو الأطول منذ تأسيس الحكم الذاتي؛ إذ تجاوز 3 أضعاف الفترات السابقة لتشكيل الحكومات.
وتشير تقارير إلى أن هذا التأخير انعكس سلباً على عمل المؤسسات الرقابية، مثل هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، التي انتهت ولاية رؤسائها دون أن يتم استبدالهم؛ الأمر الذي أفرز ثغرات قانونية وعملية في ميدان مكافحة الفساد والتدقيق المالي.
كما أن أعضاء البرلمان المنتخبين ما زالوا يتقاضون رواتبهم منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي دون مباشرة مهامهم التشريعية؛ ما اعتبر هدراً للمال العام.
وفي خضم ذلك، برزت تطورات مهمة على صعيد العلاقة مع بغداد، لا سيما بعد الإعلان عن اتفاق استئناف تصدير النفط الكردي عبر ميناء جيهان التركي، وهو ما اعتبره البعض دليلا على أن التفاهم بين الحزبين الرئيسين قد يترجم لاحقاً في ملفات أوسع تشمل تقاسم المناصب في الحكومة الاتحادية، بالتوازي مع تقاسم السلطة داخل الإقليم.
بدوره، أوضح عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد أن "الاجتماعات الأخيرة أسفرت عن اتفاق أولي على تفعيل برلمان كردستان كمرحلة أولى، لما تحتاجه المنظومة التشريعية من قوانين مهمة".
وأوضح محمد لـ"إرم نيوز" أن "الاتحاد الوطني واجه ضغوطاً من قوى مختلفة للاندفاع نحو إنهاء هذا الوضع، فيما يبقى تأثير التطورات في المنطقة عاملاً في تسريع أو تأخير الخطوات".
وتجعل التوازنات التقليدية في إقليم كردستان منصب رئاسة الإقليم والحكومة من نصيب الحزب الديمقراطي، فيما يذهب منصب رئاسة الجمهورية في بغداد إلى الاتحاد الوطني، غير أن الخلافات حول تفاصيل الحقائب الوزارية والمواقع الأخرى داخل الإقليم أدت إلى تعطيل التفاهمات.
كما أن الأحزاب الصغيرة مثل "الجيل الجديد" والاتحاد الإسلامي والموقف الوطني وجماعة العدل وحركة التغيير، لا تزال مترددة في الانحياز إلى أحد الطرفين، مكتفية بدور المعارضة أو الوسيط.
بدوره، أوضح السياسي المستقل ضياء بطرس أن "الخلاف الحالي يتمحور حول توزيع الوزارات والمناصب الدنيا في حكومة الإقليم"، مشيراً في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن "هذه هي المرة الأولى التي يمر فيها الإقليم لمدة عام كامل من دون حكومة جديدة؛ وهو ما يجعل الأزمة أكثر تعقيداً".
وأضاف أن "تدخل بعض الدول الإقليمية إلى جانب الوضع السياسي في بغداد ساهم في تأخير الحسم، ومن المرجح أن يتم ربط ملف تشكيل حكومة الإقليم بالانتخابات العامة العراقية المقبلة، بحيث يجري التفاهم على صفقة شاملة تشمل تقاسم المناصب في أربيل وبغداد معاً".
ويرى متابعون أن اختبار جدية هذا التقارب سيكون في مدى التزام الحزبين بخارطة طريق واضحة خلال الأسابيع المقبلة، بين خيار إعلان الحكومة قبل الانتخابات العامة في نوفمبر/ تشرين الثاني، أو تأجيلها إلى ما بعدها؛ الأمر الذي سيبقى رهن التفاهمات المتبادلة وقدرة الطرفين على تقديم تنازلات تحافظ على التوازن السياسي داخل الإقليم، وتعيد الثقة بين مؤسساته وناخبيه.