logo
العالم العربي

غزة تحت الاستنزاف الإسرائيلي.. "رسائل مزدوجة" على وقع الاغتيالات

دمار في قطاع غزةالمصدر: (أ ف ب)

كثفت إسرائيل من الهجمات المتواصلة في قطاع غزة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، في خطوة يرى فيها مراقبون محاولة واضحة لتثبيت واقع أمني جديد يخدم أهداف إسرائيل السياسية والعسكرية.

وتواصل إسرائيل شن عمليات نسف وقصف في المناطق الشرقية والجنوبية والشمالية من قطاع غزة، وتنفيذ عمليات إزاحة للخط الأصفر، الذي يقسم القطاع، في خطوات تزيد من تعقيد الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة.

واقع مريح

وقال المحلل السياسي سامح العمصي إن "دلالات الهجمات الإسرائيلية الأخيرة واضحة، فإسرائيل تحاول فرض أمر واقع مريح بالنسبة لها، لا يتجه نحو مواجهة عسكرية شاملة كما جرى في العامين الماضيين، حيث كانت المعارك تتطلب جهدًا بريًا وجويًا مكثفًا".

وأضاف العمصي لـ"إرم نيوز": "إسرائيل اختارت حالة غير مكلفة، تعتمد على الاغتيالات النوعية للمطلوبين من المقاومين متى وأينما تشاء، دون تكلفة عالية، وما جرى مؤخراً من اغتيال الشخص المطلوب رقم 2 في غزة، يؤكد أن إسرائيل استنسخت تجربة جنوب لبنان، وتعمل وفق سياسة تصفير تكلفة العمل العسكري".

وأشار العمصي بالقول إن "هذا الوضع يُبقي غزة في حالة استنزاف دائم، وهو مريح جداً لإسرائيل، خاصة في ظل غياب قدرة الضامنين للاتفاق على فرض أي شروط أو إلزام إسرائيل بوقف هذه الخروقات اليومية أو شبه اليومية".

خيارات الفصائل الفلسطينية

وأضاف العمصي: "الخيارات المتاحة أمام الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، أصبحت شبه معدومة، ومن الصعب جداً الاستمرار على هذا النحو، الأصل أن نذهب باتجاه المرحلة الثانية بأقصى سرعة ممكنة، مع ضرورة أن تُعيد الفصائل تقييم الوقائع اليومية، وأن تتقبل أن هناك تغييرًا استراتيجيًا في موازين القوة داخل قطاع غزة".

وشدد على أهمية أن "تنخرط حماس في المرحلة الثانية، ومناقشة قضايا المصالحة الوطنية بشكل جدي، لأن المرحلة القادمة تحتاج إلى مفاهيم وطنية جديدة وشاملة".

وقال: "نحن أمام مفترق طرق، والاستمرار في المراوحة السياسية والميدانية سيكلفنا المزيد من الدم والدمار والاستنزاف، وهو بالضبط ما يسعى إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من خلال تعقيد الواقع وفرض أمر واقع جديد يخدم أهدافه السياسية". 

أخبار ذات علاقة

آثار استهداف إسرائيلي سابق في غزة

من البحر والبر والجو .. إسرائيل تكثف غاراتها على قطاع غزة

رسائل مزدوجة

من جانبه، يرى المحلل السياسي هاني العقاد أن إسرائيل تبعث بـ"رسائل مزدوجة" لحركة حماس والفصائل الفلسطينية من جهة، والداخل الإسرائيلي من جهة أخرى لمنع انهيار الائتلاف الحكومي.

وقال العقاد لـ"إرم نيوز": "إسرائيل تسعى من خلال عملياتها العسكرية والاغتيالات في غزة إلى توجيه عدة رسائل، أولها للداخل الإسرائيلي، للتأكيد على أن زمام الأمور ما زال بيدها، وأنها تفرض سيطرتها الأمنية والعسكرية على القطاع، لمنع انهيار الحكومة الإسرائيلية".

وأضاف: "الرسالة الثانية موجهة لحركة حماس، فإسرائيل تقول بشكل واضح إنها لن تترك الحركة، وهي ماضية في مسار إنهائها عسكريًا وسياسيًا، وتسعى لتقويضها بكافة الوسائل الممكنة".

وأشار العقاد إلى أن "الرسالة الثالثة موجهة للولايات المتحدة، بأن إسرائيل تريد البقاء طرفًا مسيطراً على غزة أمنياً، ما يمكنها من الاستمرار في عملياتها الجوية وغيرها".

حرية التصرف العسكري في غزة

وقال: "هذا الواقع يطرح سؤالاً حول هل ستبقى إسرائيل تملك حرية التصرف العسكري في غزة إلى ما لا نهاية، ما يهدد خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أم أنه سيتدخل ويضغط لوقف التصعيد، لضمان تنفيذ مرحلتها الثانية؟ خصوصاً في ظل وجود مفاوضات سرية جارية مع إسرائيل بشأن ذلك".

وأضاف: "مفتاح الحل حاليًا بيد الإدارة الأمريكية، فهي الجهة الوحيدة القادرة على إلزام إسرائيل بوقف هجماتها والالتزام بوقف إطلاق نار حقيقي في قطاع غزة، والكلمة الفصل باتت بيد واشنطن، وإذا قررت التدخل بجدية، يمكن حينها الحديث عن تطبيق فعلي للاتفاق".

وتابع: "المستقبل في غزة لا يزال غامضاً في ظل تملص إسرائيل من تنفيذ الاتفاق، لكن إذا اقتنعت تل أبيب بضرورة الانتقال للمرحلة الثانية، فإن السيناريو القادم سيتضح، وهو انسحاب إسرائيلي من المنطقة الصفراء، ودخول قوات متعددة الجنسيات ضمن إطار قوات استقرار دولية، تُنشر بين المناطق الفلسطينية والحدود الإسرائيلية كمنطقة عازلة".

وختم العقاد بالقول إن "المرحلة الثانية قد تشهد تشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة القطاع، مقابل عزل حركة حماس بالكامل عن الحكم، أما إذا لم يتحقق ذلك، فستبقى الهجمات الإسرائيلية مستمرة، وسيستمر الاحتلال في السيطرة الأمنية على غزة. تطبيق المرحلة الثانية هو ما سيحدد التزام إسرائيل الحقيقي بخطة ترامب ووقف إطلاق النار". 

أخبار ذات علاقة

الدمار في قطاع غزة

اتفاق على حافة الانهيار.. حرق المراحل ينذر بفوضى ما بعد هدنة غزة

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC