رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
استبعد خبراء استراتيجيون إمكانية ضبط التصعيد العسكري دولياً في ظل غياب نظام عالمي متعدد الأقطاب، مع تصاعد التحولات الجيوسياسية والتوترات في مناطق عدة، أبرزها أوروبا والشرق الأوسط، ما دفع دولا عديدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها لصالح الأمن والدفاع على حساب القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والبنية التحتية.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول الأعلى إنفاقا عسكريا، حيث خصصت نحو 997 مليار دولار، ما يعادل 37% من الإنفاق العالمي و66% من ميزانية حلف الناتو، تليها الصين بنحو 296 مليار دولار، فيما سجلت روسيا زيادة حادة بنسبة 38% لتصل إلى 149 مليار دولار، مدفوعة بالحرب المستمرة في أوكرانيا.
وأشاروا إلى أن زيادة الإنفاق العسكري عالمياً تعود إلى شعور الدول الواقعة في بيئات جيوسياسية غير مستقرة بالتهديدات الأمنية والنزاعات الإقليمية، ما يدفعها لتعزيز التسلح في ظل غياب الاستقرار والسلام الإقليمي.
وحذّر أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أخيراً من أن الارتفاع الكبير في الإنفاق العسكري العالمي يقلص الاستثمارات الأساسية في الصحة والتعليم وخلق فرص العمل، مؤكداً أن هذه الزيادة لا تضمن تحقيق السلام.
وأشار إلى أن الأدلة واضحة على أن الإنفاق العسكري الضخم غالباً يقوّض السلام، عبر تغذية سباقات التسلح، وتعميق انعدام الثقة، وتحويل الموارد بعيداً عن الأسس الحقيقية للاستقرار.
وأضاف أنه مع وصول الإنفاق العسكري إلى مستوى قياسي بلغ 2.7 تريليون دولار بعد عقد من التوسع في التسلح، درست الأمم المتحدة تأثير ذلك على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
ويرى الخبير الاستراتيجي الدكتور محمد صالح الحربي أن العالم يشهد تصاعدًا غير مسبوق في الإنفاق العسكري، خاصة بين المحاور الكبرى، حيث بلغ نحو 2.72 تريليون دولار أمريكي في 2024، وهو أعلى مستوى مسجل في التاريخ الحديث.
وأوضح الحربي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذه الزيادة تعكس تحولات جيوسياسية عميقة وتوترات متصاعدة في مناطق متعددة، أبرزها أوروبا والشرق الأوسط، ما دفع العديد من الدول لإعادة ترتيب أولوياتها لصالح الأمن والدفاع على حساب القطاعات التنموية الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
وبين الحربي أن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول الأعلى إنفاقًا على الدفاع، حيث خصصت نحو 997 مليار دولار، ما يمثل 37% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي و66% من إنفاق حلف الناتو، تليها الصين بإنفاق يقارب 296 مليار دولار في إطار سعيها لتحديث قدراتها الدفاعية والتقنية.
أما روسيا، فقد سجّلت زيادة حادة بنسبة 38% لتصل إلى 149 مليار دولار، مدفوعة بالحرب المستمرة في أوكرانيا، التي خصصت بدورها نحو 64.7 مليار دولار، أي ما يعادل 34% من ناتجها المحلي الإجمالي، لتكون الأعلى عالميًا من حيث العبء العسكري، وفق الحربي.
وأشار الحربي إلى أن التوجه العالمي نحو تعزيز القدرات العسكرية له آثار مباشرة وغير مباشرة على التنمية؛ فمن جهة، يقلص الإنفاق على القطاعات الاجتماعية ويحد من قدرة الدول على تمويل برامج التنمية المستدامة، ومن جهة أخرى، يؤدي تصاعد النزاعات الناتج عن سباق التسلح إلى تفاقم الفقر والنزوح وتهديد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، خصوصًا في الدول النامية ومناطق النزاع.
وتحدث عن تحذيرات الأمم المتحدة والبنك الدولي من أن استمرار هذا المسار قد يؤدي إلى وصول عدد الفقراء في مناطق النزاع إلى أكثر من 435 مليون شخص بحلول عام 2030، نتيجة تدمير البنية التحتية، وتعطيل التعليم والخدمات الصحية، وتراجع الاستثمار في رأس المال البشري.
وخلص الحربي إلى أن الإنفاق العسكري، رغم ضرورته في بعض السياقات الأمنية، يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود التنمية العالمية، ويستدعي إعادة تقييم الأولويات الوطنية والدولية لضمان التوازن بين الأمن والاستقرار من جهة، والتنمية المستدامة من جهة أخرى.
من جهته، يرى الخبير العسكري الدكتور محمد يوسف النور أن غياب عالم متعدد الأقطاب يؤدي إلى تصاعد سيطرة القطب الواحد، ما يخلق خللًا في موازين القوى العسكرية ويؤجج النزاعات الإقليمية.
ويشير إلى أن ما تقوم به إسرائيل في المنطقة مثال على هذا الاتجاه الإجباري الذي يمنع إيجاد موازين ردع، ما يجعل التحكم في "عسكرة" العالم أمرًا صعبًا للغاية.
وأضاف النور في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن إسرائيل، بدعم أمريكي، تمكنت من كسر موازين القوة في المنطقة لتصبح الدولة المهيمنة في الشرق الأوسط.
وأوضح أن الدول الواقعة في بيئات جيوسياسية غير مستقرة تشعر بتهديدات أمنية ونزاعات إقليمية تدفعها لزيادة التسلح وسط غياب الاستقرار والسلام الإقليمي.
كما لفت إلى أن زيادة الإنفاق العسكري تتراكم مع تحالفات مسلحة جديدة وانحياز بعض الدول في قضايا غير عادلة، فيما تدفع البيئة السياسية المحلية النظم الحاكمة لتعزيز التسلح لضمان بقائها.
ويشير النور إلى أن قصور دور الأمم المتحدة وعدم قدرتها على فرض قراراتها على الدول الكبرى، إلى جانب استمرار منظومة الفيتو التي يرى أنها فقدت فعاليتها، ساهم في تمكين بعض الدول من سياسات ردع أحادية، مما يدفع دولًا أخرى إلى تطوير سياسات ردع مماثلة، ما يعمّق التوترات ويزيد من صعوبة الحفاظ على السلم العالمي.
وشدد على ضرورة اعتماد اتفاقيات لنزع السلاح، وتفاهمات أمنية وإقليمية، فضلاً عن عدالة انتقالية وحكومات ديمقراطية، مع تجنب التحالفات التي تهدد أمن الدول الأخرى، هذه الإجراءات من شأنها الحد من تكاليف التسليح وتقليل التوجه نحو العسكرة، وتوجيه التريليونات نحو التنمية المستدامة والزراعة والذكاء الاصطناعي، إلا أن العالم لم يتخذ خطوات حقيقية نحو تنفيذ مثل هذه القرارات حتى الآن.