سارعت إسرائيل للتدخل المباشر في أحداث العنف الدامية التي شهدتها مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، الأسبوع الماضي، سعياً منها للبناء على خططها الاستراتيجية في جنوبي سوريا.
وقالت مجلة "ذا كونفرزيشن" الأمريكية في تقرير لها إن إسرائيل التي تعمل منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الثاني 2024، على توسيع نفوذها في الجنوب السوري، باتت تتطلع لاستغلال أحداث العنف الطائفي المتكررة، نحو دعم تجزئة البلاد على أسس دينية وقومية.
وكثيراً ما عبّرت التصريحات الصادرة عن حكومة بنيامين نتنياهو عن دعم المكوّنين الدرزي في الجنوب، والكردي في الشمال الشرقي، في سعيهما نحو نموذج حكم اتحادي.
ويرى بعض صناع القرار الإسرائيليين أن سوريا المجزأة، المقسمة على أسس عرقية ودينية، وسيلة للحفاظ على الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة.
وبعد ساعات من اندلاع اشتباكات دامية بين الفصائل الدرزية ومجموعات مسلحة من البدو في السويداء، الأسبوع الماضي، سارع الطيران الإسرائيلي لشن ضربات جوية على قوى الأمن التي تتبع للرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع.
وإن كان التدخل العسكري الإسرائيلي معتاداً في الجنوب السوري، منذ ديسمبر الماضي، لقناعة تل أبيب أن أي فراغ في بالسلطة في تلك المنطقة يعد تهديداً محتملاً لها، إلا أنها بحسب "ذا كونفرزيشن"، باتت تتخذ خطوات عملية نحو جعل تقسيم سوريا "أمراً واقعاً".
وخلال الاشتباكات الأخيرة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لن يسمح بوجود أي تهديد عسكري في جنوبي سوريا، وسيتخذ إجراءات ضده، وهو ما أكده تصريح لاحق لنتنياهو، لتبدأ غارات مكثفة على البنية التحتية العسكرية السورية، مستهدفة قواعد وطائرات ودبابات وأسلحة ثقيلة.
تقول "ذا كونفرزيشن" إن إسرائيل تتحرك بموازاة تصعيدها العسكري، نحو تهيئة الأرض السورية لخططها المقبلة، ضمن الرؤية التي كثيراً ما كشف عنها المسؤولون في تل أبيب، وهي "الشرق الأوسط الجديد"، حيث يبرز الاستقرار الإقليمي والتطبيع من خلال إعادة تشكيل الحدود والتحالفات.
وتعتقد إسرائيل أن المسار المنطقي للمضي قدماً هو "استقلالية مختلف الأقليات في سوريا ضمن هيكل اتحادي"، بحسب "ذا كونفرزيشن".
وفقاً لتقارير غير مؤكدة، حثّت واشنطن تل أبيب سراً على تقليص ضرباتها العسكرية على سوريا لمنع المزيد من التصعيد والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وتُروّج الولايات المتحدة لزيادة دعمها للنظام السوري الجديد في محاولة لمساعدته على استعادة سيطرته واستقرار البلاد، وهناك أيضاً مؤشرات على أن أمريكا وحلفاءها يُشجعون الحكومة في دمشق على المضي قدماً نحو التطبيع مع إسرائيل.
وتشير التقارير إلى أن تل أبيب أجرت محادثات مع النظام الجديد بقيادة الشرع حول التطبيع، وهو ما يبدو أن النظام في دمشق منفتح عليه.