يسعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، إلى شنّ جولة جديدة من الحرب على الميليشيات بهدف السيطرة التامّة على العاصمة طرابلس، بحسب تقارير محلية.
يأتي ذلك بعد اشتباكات شهدتها طرابلس، أدت إلى مقتل أبرز خصوم الدبيبة، وهو قائد جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي.
وتسود هدنة هشّة غربي ليبيا، ما أثار مخاوف من أن تؤدي خطط الدبيبة المحتملة إلى حرب واسعة النطاق في طرابلس ومدن أخرى، خاصة في ظل حشد ميليشيات من مصراتة.
وكانت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، قد حذرت من أن الهدنة التي تعرفها العاصمة الليبية هشة، وأنها قد تنهار في أي لحظة، وذلك خلال إحاطتها التي قدمتها لمجلس الأمن الدولي.
وبهذا الصدد، قال المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، إن "الحرب تلوح في أفق العاصمة طرابلس، وقد تبدأ في أي لحظة، خاصة أن التحشيد العسكري واضح للعيان".
وأضاف العبدلي، لـ"إرم نيوز"، أن المبعوثة الأممية أعربت عن خشيتها من اندلاع حرب في أي لحظة، لأن هذه التطورات تعني أن الأطراف السياسية لا تزال تجنح إلى الحرب.
وأوضح أن "الدبيبة سيحاول هذه المرة السيطرة على العاصمة طرابلس بالكامل، وبسط نفوذه عليها، وإن نجح في ذلك، فسوف يكون الطرف السياسي الحاكم بالفعل في غربي البلاد، وسيكون الطرف السياسي القوي في المرحلة المقبلة".
ورجح العبدلي أن يحاول الدبيبة فرض رأيه وموقفه من أي مقترحات سياسية تشمل مسارات أو مفاوضات أو تشكيل حكومة جديدة، حيث سيكون حاضرًا فيها بقوة.
واستدرك بالقول: "لكن هذا يعتمد على نجاح الدبيبة في هذه الحرب، وما إذا كان سينجح في حسمها بسرعة"، معربًا عن خشيته على حياة المدنيين والدمار الذي سيلحق بالعاصمة جراء جولة القتال المحتملة.
من جانبه، قال الباحث السياسي وعضو الأمانة العامة لحزب ليبيا النماء، حسام محمود الفنيش، إنه "في ظل المشهد الليبي المعقد والمتقلب، تلوح في أفق طرابلس مؤشرات على تصعيد محتمل قد ينذر بجولة جديدة من التوتر الأمني على شكل مواجهة عسكرية كصراع نفوذ داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية وبين مراكز القرار الفعلي داخل العاصمة والمدن المجاورة لها غربًا".
وأضاف الفنيش، لـ"إرم نيوز"، أنه "من جهة يسعى المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي إلى ترسيخ حالة من الاستقرار عبر الحفاظ على توازن القوى داخل العاصمة، وضمان بقاء الوضع الأمني تحت سقف السيطرة، دون الانجرار إلى صدامات مسلحة قد تجهض محاولات التهدئة الوطنية ومسارات الحل السياسي".
وتابع: "من جانب آخر تسعى حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة إلى تعزيز قبضتها على المشهد الأمني والعسكري، لا سيما داخل طرابلس والمناطق الحيوية في الغرب الليبي، وذلك عبر إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتمكين شخصيات مقربة من الحكومة في محاولة لإعادة إنتاج مركزية أمنية تحت سلطة الحكومة التنفيذية دون المرور بالمجلس الرئاسي".
ولفت الفنيش إلى أنه "في هذا السياق يبرز أن حكومة الدبيبة في الغرب الليبي بتركيبتها العسكرية والسياسية والاجتماعية تسعى اليوم إلى تثبيت حضورها كقوة منظمة وموحدة داخل المشهد الليبي، لتخلق توازنًا مع سلطات قائد الجيش خليفة حفتر في الشرق والجنوب الليبي، لتبقى رقمًا في المعادلة السياسية القادمة".
وقال إن هذا يأتي "مع احتمالية إعلان البعثة الأممية عن إطلاق عملية سياسية شاملة نهاية شهر أغسطس/آب المقبل، والتي سيكون على رأسها إعادة تشكيل حكومة جديدة واحدة ثم الذهاب إلى إجراء الانتخابات".
وأكد الفنيش أن "هذا التباين في الرؤى بين المجلس الرئاسي والحكومة إلى جانب الصراع الخفي والمعلن بين بعض التشكيلات المسلحة ومراكز القوى قد يكون الشرارة التي تشعل مواجهة مسلحة جديدة داخل العاصمة".
وختم المتحدث بالقول إن "المرحلة تتطلب مزيدًا من الحذر وتغليب لغة التوافق والمسؤولية الوطنية لأن أي انزلاق نحو صراع مسلح من جديد ستكون كلفته باهظة، ليس فقط على طرابلس، بل على مجمل المشهد الليبي، الذي يترقب فرصة أخيرة لإنقاذ المسار السياسي قبل الانهيار الكامل".