فسّر خبيران ما وُصف بأنه "تغيّر" في الموقف الأمريكي تجاه حركة "حماس" الفلسطينية، بالتزامن مع تطبيق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي وقت سابق، كشف مسؤولون أمريكيون عن لقاء جمع لأول مرة عضو المكتب السياسي لحماس ورئيس وفدها المفاوض خليل الحية، مع المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بالتزامن مع المفاوضات بشأن غزة.
وجاء هذا اللقاء قبل موجة تصريحات أمريكية أطلقها الرئيس دونالد ترامب، حول حركة حماس، أعلن في إحداها "مباركة ضمنية" لقيام الحركة بعمليات قتل وإعدامات لاستعادة سيطرتها على قطاع غزة.
ورغم أن هذه التصريحات تلتها مطالبات من قائد القيادة المركزية الأمريكية لحماس بالتوقف عن قتل المدنيين في قطاع غزة، إلا أن التغير في نبرة الخطاب المتبادل بين الحركة وترامب، بدا لافتًا.
ويرى الخبير في العلاقات الدولية رائد موسى، أن "المديح الدولي لحماس لا يعكس دعمًا سياسيًا، بل يهدف للضغط عليها لاستكمال تسليم جثامين الإسرائيليين".
وقال موسى لـ"إرم نيوز": "لا بديل حاليًا لفرض النظام في غزة سوى حماس، وأن الحديث عن إنهاء سيطرتها سابق لأوانه قبل تشكيل لجنة إدارية وقوات أمنية رسمية".
واعتبر أن "التحول السياسي في غزة يبدأ بعد تسليم آخر جثة، في ظل توجه دولي لرفض وجود الميليشيات المسلحة في المنطقة"، مشيرًا إلى أن خطة ترامب وإعلان نيويورك يشترطان إنهاء الدور العسكري لحماس.
وتابع: "قطر وتركيا أيضًا غيرتا موقفهما ووافقتا على استبعاد حماس من أي دور مستقبلي في غزة، وأن الولايات المتحدة لو أرادت لحماس دورًا سياسيًا، لأعلنت ذلك بوضوح".
وقال موسى، إن "الأطراف الإقليمية التي وقّعت أو أيّدت خطة ترامب حسمت موقفها بإقرار انتهاء الدور السياسي والإداري لحماس في غزة".
ولفت إلى أن "الاعترافات الدولية الأخيرة بدولة فلسطين جاءت مشروطة بغياب الحركة، ما يعكس رؤية المجتمع الدولي للسلطة الفلسطينية كممثل شرعي وحيد".
وبيّن أن "التعامل مع قطاع غزة في المرحلة المقبلة سيكون مرهونًا بغطاء سياسي وقانوني من دولة فلسطين، وأن الأمر لا يتعلق فقط بالمواقف السياسية، بل بأسس قانونية تنظم تفاصيل الحياة اليومية، من البنوك والتجارة إلى المعابر والاتصالات، وهو ما لا يمكن توفيره دون كيان معترف به دوليًا".
وأضاف موسى، أن "النظام السياسي الفلسطيني لا يحتاج إلى إعادة تشكيل، لأنه قائم بمؤسساته الرسمية والشرعية، والمطلوب فقط هو تجديد الشرعيات عبر انتخابات عامة".
وأشار إلى أن "الأزمة تكمن في تعطيل المسار الديمقراطي، وليس في بنية النظام نفسه، وأن إجراء الانتخابات مرهون بعاملين، الأول توقف إسرائيل عن عرقلة العملية الانتخابية، خصوصًا في القدس، وتوفير بيئة فلسطينية آمنة تضمن نزاهة الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وقال موسى، إن "الحديث عن إعادة تشكيل النظام السياسي يفترض غيابه، بينما الواقع يؤكد وجوده ممثلًا بمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وأن المطلوب حاليًا هو تفعيل الحياة الديمقراطية ضمن الأطر القانونية والدستورية".
من جانبها، قالت المحللة السياسية رهام عودة، إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح حركة حماس ضوءًا أخضر مؤقتًا لإدارة الوضع الأمني في قطاع غزة، وليس للسيطرة الدائمة عليه".
وأضافت لـ"إرم نيوز": "هذه الصلاحية جاءت كحل أمني مؤقت، بناءً على طلب الوفد الحمساوي المفاوض، بهدف إنهاء الفوضى وملاحقة العصابات وفرض الاستقرار، تمهيدًا لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق".
ورأت أن "مستقبل غزة لا يزال مرتبطًا بمراحل تفاوضية لاحقة، تشمل تشكيل مجلس سلام دولي وإرسال قوات دولية، ما يعني أن دور حماس الحالي هو مرحلي ومحدود لضمان عدم عرقلة تنفيذ التفاهمات الأولية".
واستدركت عودة، أن "إدارة ترامب لا تمانع تطبيق نموذج طالبان في قطاع غزة، أو السماح بدمج حركة حماس بشكل غير مباشر في الحكومة الفلسطينية المقبلة، طالما أن ذلك يخدم المصالح الأمريكية، وذلك مرهون بالتزامات يجب أن توافق عليها الحركة".
وأوضحت أن "واشنطن تنظر إلى الأمور من زاوية المصلحة، ولديها قناعة بأن تغيير الأنظمة ليس من أولوياتها ما دام الشعوب لا تتحرك بنفسها".
وبيّنت عودة، أن "إسرائيل تعارض بشدة أي مرونة تجاه إشراك حماس في الحكم، وستسعى للضغط على الإدارة الأمريكية لرفض هذا السيناريو، كما أن المجتمع الدولي والدول المانحة ترفض أي دور لحماس في مستقبل غزة، وتشترط غيابها مقابل المساهمة في إعادة الإعمار".
وأشارت إلى أن "رفض المجتمع الدولي لأي دور لحركة حماس في الحكم، يدفع باتجاه فرض وصاية دولية على قطاع غزة، تمهيدًا لإعادة دمجه في إطار السلطة الوطنية الفلسطينية، وتوحيد النظام السياسي كخطوة نحو تأسيس الدولة الفلسطينية".