قالت صحيفة "المونيتور" الأمريكية، إن الرئيس دونالد ترامب وافق على وقف إطلاق النار مع ميليشيا الحوثي متجاهلًا إسرائيل، ومتجاوزًا الأسباب الجوهرية التي انطلقت من أجلها الحملة الأمريكية، في خطوة هدفت إلى تحقيق تهدئة تكتيكية وإرسال رسائل استراتيجية.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن الحوثيين، رغم الضربات الجوية الأمريكية المكثفة، احتفظوا بقدرات صاروخية وبطائرات مسيّرة كبيرة، وتكيّفوا تكتيكيًا مع الهجمات، مسببين خسائر تقدّر بنحو مليار دولار للولايات المتحدة، مما عزز قيمتهم الاستراتيجية بالنسبة لإيران.
وأشارت "المونيتور" إلى أن موافقة واشنطن هذا الأسبوع على وقف الغارات الجوية ضد الميليشيا اليمنية، مقابل وقف الهجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تُعد تطورًا دبلوماسيًا هادئًا ولكنه مهم.
وأضافت أن سلطنة عُمان توسطت في هذا الاتفاق، بينما يُقال إن إيران سهّلت التوصل إليه، قبل أيام من أول جولة خارجية لترامب في الخليج منذ عودته إلى البيت الأبيض.
وعلى الرغم من أن ترامب وصف الاتفاق بأنه "استسلام" من جانب الحوثيين، فإنه في الواقع مجرد تفاهم شفهي غير موثق، ولا يتضمن اتفاقًا مكتوبًا.
وبينما أكد الحوثيون وقف استهداف الأصول الأمريكية، فإنهم لا يزالون ماضين في عملياتهم ضد إسرائيل، ما يُضفي على الاتفاق طابعًا ضبابيًا يعكس نمطًا أوسع من التهدئة التكتيكية المشروطة برسائل استراتيجية.
ووفقًا للصحيفة، يقوم جوهر الاتفاق على مقايضة واضحة: يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية، في مقابل تعليق الولايات المتحدة غاراتها الجوية في اليمن. ورغم أن نطاق الاتفاق محدود، فإنه خلّف تداعيات إقليمية، خصوصًا في مجال أمن الملاحة البحرية وأسواق الطاقة.
ورأت المونيتور أن الحوثيين، رغم تعرضهم لخسائر، نجحوا في انتزاع وقف لإطلاق النار دون التخلي عن موقفهم العدائي تجاه إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة. وبينما لم يصدر البنتاغون سوى القليل من المعلومات حول حجم الأهداف المدمّرة، تشير تقديرات منظمات مدنية إلى مقتل ما لا يقل عن 158 مدنيًا وإصابة 342 آخرين، بين 15 مارس/آذار و22 أبريل/نيسان، بينهم 68 مهاجرًا أفريقيًا بغارة استهدفت مركز احتجاز.
وأبرز التقرير أن الجماعة أظهرت قدرة على الصمود رغم القصف، مستفيدةً من بنية تحتية لامركزية ومواقع محصّنة وتكتيكات حرب عصابات مكّنتها من الحفاظ على قوتها العملياتية. وتشير تقارير مستقلة إلى أن الحوثيين لا يزالون يمتلكون عشرات الصواريخ الباليستية ومئات الطائرات المسيّرة.
وأضافت الصحيفة أن عملية "الفارس الخشن" الأمريكية ألحقت أضرارًا تكتيكية، لكن بتكلفة مرتفعة من حيث الموارد والجهد، في حين بقيت المكاسب الاستراتيجية محدودة؛ فالهجمات الحوثية تراجعت تدريجيًا فقط، مع احتفاظ الجماعة بقدرتها على استهداف الأراضي الإسرائيلية حتى قبيل إعلان وقف إطلاق النار.
وختمت المونيتور بأن الاتفاق يمنح ترامب مكسبًا سياسيًا مؤقتًا يتمثل في خفض مستوى الانخراط الأمريكي، وتهدئة التوتر في البحر الأحمر، وفتح نافذة محتملة للتقدم في المحادثات النووية مع إيران. لكن في الوقت ذاته، لا يشمل الاتفاق إسرائيل ولا يعالج الجذور الأيديولوجية للعداء الحوثي تجاهها.