يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مأزقاً بشأن التعامل مع تطورات الملف السوري، في ظل تعرضه لضغوطات متعاكسة، وفقاً لموقع "المونيتور".
وذكر الموقع، في تقرير لها، أنه "في الوقت الذي يواجه فيه نتنياهو ضغوطاً متزايدة من دروز إسرائيل للتدخل العسكري المباشر لحماية الأقلية في السويداء، تتزايد عليه الضغوط الأمريكية للكف عن التدخل العسكري في سوريا وعدم إشعال حرب جديدة".
وأشار التقرير إلى أن "الاشتباكات الدامية في السويداء، خلال الأيام الماضية، تسببت في اتخاذ نتنياهو قراراً بضرب هيئة الأركان السورية في دمشق إضافة إلى توجيهه ضربات عنيفة استهدفت أرتال القوات الحكومية قرب السويداء".
ورأى الموقع أن ذلك جاء "تطبيقاً للخطوط الحمراء التي سبق أن أعلنت عنها تل أبيب بشأن النظام الجديد في سوريا وأبرزها عدم المساس بالأقلية الدرزية، بحسب التقرير.
وقال نتنياهو، الخميس الماضي، إن إسرائيل اعتمدت سياسة واضحة تتمثل في نزع السلاح من المنطقة الواقعة جنوب دمشق، من مرتفعات الجولان وحتى منطقة "جبل العرب"، وهذه هي القاعدة الأولى، أما القاعدة الثانية فهي "حماية إخوة إخوتنا في جبل الدروز".
وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال مكالمة هاتفية مع نتنياهو، الخميس، استياءه من القصف الإسرائيلي في سوريا، وفقاً لما كشف عنه دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى.
وكان ترامب قد التقى الشرع في مايو/ أيار الماضي في السعودية، وأعلن حينها رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن سوريا بهدف دعم عملية إعادة الإعمار بعد الحرب.
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية، قد نقلت، الجمعة، عن مسؤول قوله إن "إسرائيل ستسمح لقوات الأمن الداخلي السورية بدخول السويداء لمدة 48 ساعة".
ورأت هيئة البث العبرية، من جهتها، أن هذه الخطوة تأتي في إطار "جهود مدروسة لمنع المزيد من التصعيد على طول الحدود الشمالية الشرقية لإسرائيل".
ونقل موقع "المونيتور" عن مسؤول دبلوماسي قوله إن "القرار الإسرائيلي اتُخذ بعد ضغوط أمريكية لتهدئة الوضع والسماح للحكومة السورية بدخول المنطقة".
ويربط بين دروز إسرائيل وسوريا تحالف قوي، ويشكل الدروز في إسرائيل ما نسبته 2% من السكان، وهم مندمجون بالمجتمع الإسرائيلي ويخدمون في أعلى الرتب العسكرية والأمنية.
وكشف تقرير "المونيتور"، أن الحكومة الإسرائيلية أقدمت على التحرك عسكرياً في سوريا استجابة لضغوط من القادة الدروز في إسرائيل، وكذلك سعيا منها لإبعاد جماعات متطرفة عن حدودها جنوب غرب سوريا.
وقال ضابط درزي إسرائيلي رفيع المستوى لزملائه في الجيش: "لا يُمكنكم الوقوف مكتوف الأيدي" .
ونقل ضابط إسرائيلي آخر، عن الضابط الدرزي قوله: "تخيلوا أن بلدة يهودية حاصرها متطرفون وهاجموها. ترون الصور والمشاهد ومقاطع الفيديو. ترون أنهم قتلوا عائلات بأكملها. قُتل المئات من إخواننا الدروز وأُهينوا. اغتُصبت بناتهم. لا يُمكن لإسرائيل أن تقف مكتوفة الأيدي".
من جهته، قال جنرال إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته: "كانت هذه إشارة للرئيس أحمد الشرع. عليه أن يعلم أنه إذا استمر ما حدث للدروز، فسيكون الثمن الذي سيدفعه شخصيًا وباهظًا للغاية".
ورغم وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الثلاثاء بين الأقليتين الدرزية والبدوية المتحاربتين في السويداء وانسحاب القوات الحكومية التي أرسلت لقمع العنف، استؤنفت الاشتباكات، الخميس، مع عودة القوات الحكومية إلى المدينة.
ووفقًا لمصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى، سعى الجيش الإسرائيلي إلى تجديد هجماته في السويداء، لكنه قوبل باعتراض أمريكي.
في غضون ذلك، عبر مئات الدروز الإسرائيليين الحدود إلى سوريا، مخترقين الأسوار، لمساعدة عائلاتهم.
واضطرت إسرائيل إلى تعديل طريقة تدخلها في الأزمة حيث أمر وزير الخارجية جدعون ساعر، الجمعة، بإرسال طرود مساعدات إنسانية إلى الدروز في السويداء، تتضمن مواد غذائية وإمدادات طبية.
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى، إن "واشنطن لا تفهم هذه التطورات"، مشيرًا إلى أن "الأمريكيين يعتبرون القتال حربًا عشائرية محلية".
وأوضح أن مسؤولاً أمريكياً رفيعاً قال لنظيره الإسرائيلي: "لا يُمكنكم خوض حرب جديدة كل بضعة أيام. نحن نحاول تخفيف حدة التوتر وتقليل الحروب والجبهات، وأنتم تفعلون العكس".
ويشير الأمريكيون إلى دعوات الشرع هذا الأسبوع للتهدئة وتعهداته بحماية الأقلية الدرزية، وانتقاده إسرائيل بشدة لمحاولتها زرع الفتنة وجر الدروز إلى تقويض مساعي حكومته لفرض سيطرتها على الدولة المنقسمة.
وبينما كان القادة الإسرائيليون يحاولون فهم الوضع الراهن، ومدى تورط حكومة دمشق في الاشتباكات، إن وُجد، هدّدت الأحداث بتقويض أشهر من التقارب بين البلدين برعاية أذربيجان وتركيا والولايات المتحدة.
وسرعان ما تبددت هذا الأسبوع شكوك عميقة حول احتمال عقد لقاء بين نتنياهو والشرع، وحول الأحلام القديمة بعودة السياحة الإسرائيلية إلى أسواق دمشق.
محاولة اغتيال الهجري
ونقل "المونيتور" عن مصدر درزي إسرائيلي قوله إن "القوات التي هاجمت السويداء حاولت اغتيال شيخ عقل الدروز حكمت الهجري"، مشيراً إلى أنه "كان معزولاً مع أحد أبنائه بإحدى القرى وكان محاصراً بالفعل من قبل القوات الحكومية والبدو، وتم منع اغتياله في اللحظات الأخيرة".
وقال المصدر إن "التدخل الإسرائيلي كان ضئيلاً ومتأخراً"، مشيراً إلى أن "تل أبيب كان عليها توجيه ضربات قاضية للبدو قبل دخولهم قرى السويداء وتدميرها".
وخلال أعمال العنف بين الدروز والبدو، سعت آليات التنسيق العسكري إلى منع الصدامات الإسرائيلية السورية، حيث تم إنشاؤها في الأشهر الأخيرة تحت رعاية السفير السفير الأمريكي في تركيا المبعوث إلى سوريا توماس باراك وآخرين.