يقود المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، تحركات جديدة في إطار مساعيه إلى تحريك حالة الركود التي تعيشها البلاد، وذلك من خلال زيارته للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
ووصل غروندبرغ إلى عدن، مساء الإثنين، في أول زيارة له إلى اليمن منذ تصاعد الأحداث الإقليمية في البحر الأحمر.
وكانت آخر زيارة للمبعوث الأممي إلى اليمن، آواخر العام 2023، قبل التطورات الإقليمية، ومهاجمة ميليشيا الحوثي للخطوط الملاحية الدولية في البحر الأحمر بذريعة مناصرة غزة.
وأعلن غروندبرغ، آنذاك، عن توافق الأطراف اليمنية على توقيع اتفاق يؤسس لوضع خريطة سلام تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار في كافة المحافظات اليمنية.
واستهّل المبعوث الأممي لقاءاته في عدن، بعقد لقاء مع رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك، أمس الثلاثاء، جرى خلاله "مناقشة جهود إحلال السلام في اليمن، والفرص المتاحة لاستئناف العملية السلمية، وإنهاء معاناة الشعب اليمني الناتجة عن العدوان الحوثي الممنهج، وارتهانه للمشروع الإيراني".
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، فقد استمع رئيس الوزراء اليمني لإحاطة من المبعوث الأممي حول نتائج تحركاته واتصالاته الأخيرة لإنهاء حالة الجمود في العملية السياسية على ضوء التطورات والمتغيرات في الملف اليمني، وعلى المستويين الإقليمي والدولي.
وكان المبعوث الأممي قد أدلى بتصريحات مرئية، فور وصوله مطار عدن الدولي، مستعرضًا الهدف من زيارته لليمن وتوقيتها، حيث قال: "يسعدني جدًا عودتي إلى اليمن، وأتطلع إلى إجراء محادثات جادة ومعمّقه مع الأطراف اليمنية".
وأضاف: "تتزامن زيارتي هذه مع وضع إقليمي متفاقم، خاصة خلال الأشهر الأخيرة، وقد زاد ذلك من تعقيد جهودنا الرامية إلى تحقيق سلام عادل ومستدام في اليمن".
واستدرك: "ولكن على الرغم من كل هذه التحديات، نشهد حالة من الهدوء النسبي داخل اليمن، أرى في ذلك إشارة إلى أننا بحاجة إلى مضاعفة جهودنا للبحث عن حلول مستدامة لمعالجة الوضع الاقتصادي، ومعالجة الوضع الأمني الداخلي".
ولفت إلى أن "الأهم من ذلك، السعي إلى اتخاذ قرارات فاعلة من جميع الأطراف اليمنية لإخراج اليمن من حالة الجمود الراهنة، ووضعه على طريق تسوية طويلة الأمد للصراع الذي طال أمده".
وفي هذا الإطار، قال الباحث السياسي رئيس مركز "سوث 24" للدراسات والأخبار، يعقوب السفياني، إن "زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن تشير إلى تحرك أممي متجدد لكسر الجمود السياسي الذي خيّم على الملف اليمني منذ أواخر العام 2023".
وأضاف السفياني، لـ"إرم نيوز"، أن "توقيت الزيارة يعكس قلقًا دوليًا متزايدًا من تصاعد الأزمة الإنسانية، بعد تحذيرات أممية من تدهور الأمن الغذائي، وتراجع التمويل الإنساني".
وتابع: "تأتي الزيارة أيضًا وسط استياء من تعثر صرف الرواتب، وضبابية الهدنة غير المعلنة، ما يجعل هذه الزيارة محاولة لاحتواء التوترات، وتهيئة الظروف للعودة إلى المسار التفاوضي".
وأشار السفياني إلى أنه "في السياق الإقليمي، تتزامن هذه الخطوة مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، والذي يلقي بظلاله على المشهد اليمني، خاصة مع استمرار الحوثيين في مهاجمة إسرائيل".
وقال: "يُدرك غروندبرغ أن التصعيد في البحر الأحمر، وتوسع النفوذ الإيراني عبر الحوثيين، يهددان بتدويل الصراع اليمني، الأمر الذي يدفع بالأمم المتحدة إلى تكثيف جهودها للحفاظ على ما تبقى من الاستقرار النسبي في مناطق الحكومة، وضمان ألا يتحول اليمن إلى ساحة صدام إقليمي مباشر".
وذكر السفياني: "بالتوازي مع ذلك، تشهد الرياض تحركات دبلوماسية بين سفراء الدول وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، لمحاولة إعادة ترتيب البيت الداخلي المناهض للحوثيين، وقد يكون لزيارة غروندبرغ دور في تمهيد الأرض لهذه المبادرة من خلال بناء الثقة مع الحكومة، وتخفيف الاحتقان".
وأثارت بعض المصطلحات التي تضمنتها تصريحات المبعوث الأممي استياء وحفيظة اليمنيين، إذ وصف الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي بـ"الأطراف اليمنية"، وهو ما اعتُبر أنه محاولة للمساواة بين سلطة شرعية معترف بها وفق كافة القوانين الدولية، وميليشيا مسلحة انقلبت عليها واستولت على جزء من الدولة.
وبخصوص ذلك، قال وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، أسامة الشرمي، في تصريحات تلفزيونية: "هذه إشكاليتنا مع المبعوث الأممي، أنه لا يرى ميليشيا الحوثي كميليشيا متطرفة مخالفة للمواثيق والقوانين المحلية والدولية، وقرارات مجلس الأمن الدولي، ودائمًا ما يضعها على قدم المساواة مع الحكومة الشرعية، وبالتالي هو لا يستطيع من خلال هذه العقلية التي يمتلكها، أن ينتج أي مبادرة حقيقية بإمكانها أن تحلحل الجمود الحاصل في الملف اليمني".
وأضاف الشرمي أن "الوضع في اليمن قابل للانفجار في أي لحظه، دون استطاعة أي طرف لملمته مستقبلًا".
وفي الوقت نفسه، لا تجد غالبية الأوساط اليمنية مبررًا في التفاؤل بتلك التحركات التي يقوم بها غروندبرغ، معتبرين إيّاها تحركات روتينية تستوجبها مهامه الوظيفية لا أكثر، وفق تعبيرهم.
كما عقد غروندبرغ لقاءين آخرين، أشار مكتبه إلى أنها مباحثات مع عدد من ممثلي المجتمع المدني، ومجموعات نسوية.
وعلمت "إرم نيوز" من مصادر رفيعة، بأن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة سيكتفي بهذه الزيارة القصيرة إلى عدن، حيث من المقرر أن يغادر الأربعاء، دون تحديد وجهته.