قال خبراء، إن واشنطن بترت أحد أهم أذرع ميليشيا الحوثي الاقتصادية، بعد أن دمّرت المقاتلات الأمريكية، مساء يوم أمس الخميس، ميناء "رأس عيسى" النفطي، شمال غرب محافظة الحديدة، المشرفة على مياه البحر الأحمر.
وجاء الهجوم الأمريكي على منصّة استقبال الوقود المستورد إلى مناطق الحوثيين، كآخر إجراءات واشنطن للوصول إلى نقطة "اللا عودة"، بعد حظر وصول المنتجات البترولية مطلع الشهر الجاري، إلى موانئ الحديدة، على إثر تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية.
ورغم قرار الحظر الأمريكي، سمحت الأمم المتحدة، بدخول ناقلة محملة بكميات كبيرة من الوقود، إلى موانئ الحديدة، ما دفع الولايات المتحدة قبل أكثر من أسبوع، إلى التحذير من عدم تسامحها مع أي دولة أو كيان تجاري، يقدّم الدعم للمنظمات الإرهابية مثل الحوثيين، أو التعامل مع الموانئ البحرية اليمنية الخاضعة لسيطرتها في مياه البحر الأحمر.
واعتبرت استمرار تزويد السفن وتفريغ النفط بموانئ الحوثيين، المصنّفين منظمة إرهابية أجنبية، يعدّ "انتهاكا للقانون الأمريكي".
واستبقت الضربات الأمريكية المدمّرة لحاضنات الوقود في ميناء "رأس عيسى" النفطي، مساء أمس، وصول سفينة محمّلة بأكثر من 40 ألف طن من الغاز.
وجاء وصول السفينة، بعد حصولها على ترخيص من مكتب الأمم المتحدة، في جيبوتي، المكلّف بتفتيش ومراقبة الواردات إلى موانئ الحديدة، للدخول إليها وتفريغ حمولتها، طبقا لمصادر في السلطة المحلية بالمحافظة، المعيّنة من قبل الحكومة المعترف بها دوليا.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان، إن السفن استمرت في توريد الوقود عبر ميناء "رأس عيسى"، على الرغم من تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودخول القرار حيّز التنفيذ في الـ5 من شهر إبريل/ نيسان الجاري.
وذكرت أن الحوثيين المدعومين من إيران، "يستخدمون الوقود لدعم عملياتهم العسكرية، كسلاح سيطرة وللاستفادة اقتصاديا من أرباح هذه المبيعات غير القانونية بشكل مباشر في تغذية جهودهم الإرهابية".
وأشارت القيادة الأمريكية إلى أن القوات الأمريكية اتخذت إجراءات القضاء على مصدر وقود الحوثيين، لحرمانهم من الإيرادات غير المشروعة التي موّلت جهود الميليشيا لإرهاب المنطقة بأسرها لأكثر من عشر سنوات.
ويمثّل ميناء "رأس عيسى" النفطي بمديرية الصليف، أهمية استراتيجية للحوثيين، كونه المنصّة الرئيسية لاستيراد المشتقات النفطية للمناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيا، بعد استهداف إسرائيل المتكرر لحضانات الوقود في أرصفة ميناء الحديدة، منذ منتصف العام الماضي.
وتنشط شركات مملوكة لقيادات حوثية بارزة، في تجارة المشتقات النفطية؛ إذ كشفت منصّة "P.T.C.O"، المحلية المتخصصة في تعقّب الجرائم ومكافحة غسيل الأموال، عن عشرات الشركات التجارية التي أنشأها الحوثيون ككيانات مالية سرّية لتمويل أنشطتهم المسلحة، بينها 6 شركات متخصصة في تجارة النفط.
وقال الخبير الاقتصادي، ماجد الداعري، إن التوجّه الأمريكي، نحو ضرب أهم موارد البنية الاقتصادية الممولة لميليشيا الحوثي، يكشف عن جدّية غير مسبوقة لواشنطن، في إضعاف الجماعة وتدمير قدراتها والقضاء على مواردها المالية.
وبيّن لـ"إرم نيوز"، أن وضع الحوثيين الاقتصادي واللوجستي والعسكري، بعد تدمير ميناء رأس عيسى النفطي بالحديدة، سيكون مختلفا عن وضعهم السابق، ما قبل تدمير أكبر مصادر التمويل الاقتصادية.
من جهته، اعتبر المحلل العسكري، العميد خالد النسي، أن ميناء "رأس عيسى" هدفا عسكريا مشروعا، بعد أن عمل الحوثيين على تحويله ومعظم الموانئ والمطارات وجميع مؤسسات الدولة، في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم إلى "منشآت عسكرية".
وذكر النسي عبر حسابه على منصة "إكس"، أن الحوثيين "جماعة إرهابية، لا تعترف بمؤسسات الدولة، ولم تعمل على تحييد المنشآت الاقتصادية المرتبطة بأمن ومصالح المدنيين".
وأكد العميد النسي أن الحوثيين "عسكروا مطار صنعاء وميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى، واستهدفوا ميناء الضبّة بحضرموت ومطار عدن الدولي، وبالتالي فإن هذه الجماعة خطر على الأمن والسلم والإقليمي، ويجب استهدافها أينما تواجدت دون رحمة".
بدوره، قال الباحث السياسي، صالح البيضاني، إن الضربات الأمريكية "تحوّلت إلى تكسير عظم حقيقي للجماعة الحوثية وإمكانياتها العسكرية والاقتصادية والبشرية".
وأشار عبر حسابه على منصة "إكس"، إلى أن الحوثيين "نجحوا في تقديم أنفسهم ككبش فداء رخيص لإيران، بينما خسر اليمن مزيدا من سيادته وأمنه وبنيته التحتية".
