أكد خبراء أن تطبيق القرار الدولي 1680، الذي ينص على ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان، سيكون له أثر بالغ في مواجهة عمليات تهريب سلاح حزب الله من سوريا إلى لبنان، لا سيما أن القرار يهدف إلى إقامة علاقات طبيعية بين بيروت ودمشق.
وأوضحوا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الإلغاء الكلي لمعاهدة "التعاون والتنسيق والإخاء"، التي وُقّعت في عقود سابقة في عهد نظام حافظ الأسد والتي بموجبها تنازل لبنان عن جزء من سيادته الاقتصادية والتجارية والأمنية لصالح دمشق آنذاك، سيُسهم في تقييد عمليات تهريب سلاح حزب الله من سوريا.
وبيّن الخبراء أن "اكتفاء دمشق بإصدار بيانات عن وجود خلية لحزب الله هنا أو هناك، دون تعاون رسمي على الحدود مع الجيش اللبناني، سيجعل إنجازات القوات المسلحة اللبنانية تجاه حصر السلاح في يد الدولة أقل فاعلية، وسيزيد من عمليات التهريب، ما يضع ضغوطًا أكبر على الدولة اللبنانية في مسار تنفيذ خطة حصر السلاح".
وتعرّضت المعاهدة التي وُقّعت بعد اتفاق الطائف عام 1991 لانتقادات عدة، إذ اعتُبرت محرِّفة لحقوق لبنان السيادية ومنحت النظام السوري صلاحيات واسعة، كما تضمنت بنودًا تحدّ من قدرة الجيش اللبناني على القيام بمهامه في حماية الحدود، ووفّرت آليات تُلزم بيروت بالعودة إلى دمشق في بعض المسائل الأمنية الحدودية.
في وقت سابق، أعلنت وزارة الخارجية السورية القبض على خلية مسلحة قالت إنها تابعة لحزب الله، لكن الميليشيا سرعان ما نفت صحة ذلك.
من جهته، يرى الباحث السياسي ميشال الشماعي أن ملف الحدود اللبنانية–السورية لن يكون شائكًا إذا جرت معالجته بين الدولتين على أساس الندية، لكن الإشكالية الحقيقية تكمن في الوجود المستمر لمنظمة "حزب الله" من لبنان إلى سوريا، واستعمالها الحدود كطريق إمداد يهدف إلى ترسيخ نفوذها في لبنان تحت شعار "المقاومة" ضد إسرائيل.
وأضاف الشماعي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن حلّ هذه الإشكالية مرهون بقاعدتين: الأولى استعادة السيادة اللبنانية على كامل أراضيها وحدودها، لا سيما الشمالية والشرقية مع سوريا؛ والثانية تطبيق القرار الدولي 1680 الذي ينص على ترسيم الحدود بين البلدين، بما ينهي الصراع الجيوسياسي القائم.
وأشار إلى أن الأهمية الأكبر تكمن في المعالجة الداخلية اللبنانية؛ فإذا نجح "العهد الجديد" في تنفيذ قرارات الحكومة الصادرة في 5 و7 آب/أغسطس الماضيين، التي قضت بحصر السلاح بيد الدولة، فذلك يعني نهاية الوجود المسلح خارج إطار الدولة، بما يشمل حزب الله والفصائل الأخرى المنتشرة على الحدود مع سوريا.
وشدّد الشماعي على ضرورة أن تتعامل دمشق دبلوماسيًا وبالتنسيق مع وزارة الخارجية اللبنانية عبر القنوات الدبلوماسية لتسوية هذه المسألة، مشيرًا إلى أن إلغاء معاهدة "التعاون والتنسيق والإخاء" كليًا سيعيد لبيروت حقوقها السيادية.
كما لفت إلى أن مشكلة مزارع شبعا محكومة بالقرارين 1701 و1680، وأن على سوريا تقديم الوثائق المطلوبة للأمم المتحدة لإنهاء هذه "الشماعة" التي استند إليها حزب الله للحفاظ على سلاحه غير القانوني.

من جانبه، قال المحلل السياسي شاكر داموني إن هناك ضرورة لتعاون رسمي من دمشق مع السلطات اللبنانية في ضبط الحدود، لا سيما في ظل عملية سحب أسلحة حزب الله التي يقودها الجيش اللبناني؛ إذ ستبقى هذه العملية معرضة للفشل ما دام حزب الله قادراً على تهريب العتاد من سوريا إلى الداخل اللبناني.
وأوضح داموني، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الجيش اللبناني يبذل جهودًا كبيرة لقطع طرق التهريب، لكن هناك ما يوحي بتكاسل من السلطات السورية أو وجود أهداف غير واضحة لديها، مما يسهّل استمرار نشاط الميليشيا في هذا المجال.
وأضاف أن "الاكتفاء ببيانات سورية حول وجود خلايا لحزب الله دون إجراء تنسيق عملي وفعال على الحدود سيجعّل الجهود اللبنانية لحصر السلاح أقل نجاعة، بل سيزيد من المشاكل الأمنية داخل لبنان أولًا، وربما داخل سوريا ثانيةً".
وذكر داموني أن هناك ثغرات في خطوط الحدود تتطلب تنسيقًا متبادلاً وتشغيلًا كاملاً لأجهزة المعلومات الاستخبارية لتوجيه ضربات فعّالة لشبكات التهريب.
وأكد أن غياب التنسيق السوري سيعظّم من التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية في تنفيذ قرار حصر السلاح، وفق قوله.