يسعى العراق إلى مغازلة الجارة تركيا من خلال تفعيل ما يسمى بـ"طريق التنمية" أو "طريق الحرير العراقي" الذي يعده خبراء تحالفاً جيوسياسياً يدفع أنقرة لخفض التصعيد في المنطقة، عبر ضبط حليفها الجديد المتمثل بالإدارة السورية المؤقتة، ودفعه لمسك الأمن على الحدود العراقية.
ويعد "طريق التنمية" من أهم المشاريع الإستراتيجية التي يسعى العراق إلى تنفيذه، حيث يربط الخليج العربي بأوروبا مروراً بتركيا.
ويرى مراقبون أن تركيا في هذا التوقيت بحاجة إلى هكذا مشاريع للتخفيف من أعباء تراجع العملة التركية، الأمر الذي سيستثمره العراق، لتأمين الحدود العراقية-التركية والعراقية-السورية، من خلال علاقات أنقرة الواسعة وتأثيراتها على الإدارة الجديدة في سوريا.
يقول الخبير الإستراتيجي، عباس الهنداوي، لـ "إرم نيوز"، إن "طريق التنمية لا يمثل للعراق عصباً اقتصادياً فحسب، بل بوابة مهمة للأمن، حيث من المتوقع أن يدفع تركيا إلى إيلاء اهتمام أكبر بأمن واستقرار العراق، وذلك يعود إلى أهمية المشروع في تحقيق المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لتركيا، حيث يتطلب نجاح الطريق بيئة مستقرة وآمنة على طول مساره".
وأضاف، أن "تركيا لديها مصالح اقتصادية واسعة في العراق، وهي مساهم رئيس في طريق التنمية، لذلك تحتاج لضمان استمرار حركة التجارة والبضائع عبر الطريق، من خلال العمل مع العراق لتأمين البنية التحتية للطريق والمناطق المحيطة به".
ويباشر العراق، بحسب وزارة النقل العراقية، تنفيذ طريق التنمية خلال الأسابيع الأولى من العام الحالي 2025، والذي ستكون انطلاقته من ميناء الفاو المطل على الخليج العربي، مروراً بـ11 محافظة عراقية وصولاً إلى أوروبا.
وقال المتحدث باسم الوزارة، ميثم الصافي، لـ"إرم نيوز"، إن "طريق التنمية سيكون واحداً من أكبر وأهم المشاريع ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة أجمع، حيث سيغير خريطة النقل العالمية".
وأضاف، أن "تركيا تولي اهتماماً كبيراً في المشروع، حيث ستصل البضائع عن طريقها باعتبارها المحطة الرئيسة إلى قلب لندن؛ مما سيكون له مردودات مالية لكل الأطراف التي ستشترك فيه".
وعانى العراق على مدى سنوات من تدفق المقاتلين الأجانب إلى أراضيه عبر تركيا وسوريا، لينضموا إلى التنظيمات الإرهابية؛ مما خلق حالة من الاضطرابات الأمنية وتصاعد العنف في البلاد.
ويخشى العراق، حاليا، بحسب الخبير الأمني والسياسي، ماجد الربيعي، أن تقود الاضطرابات وانهيار نظام بشار الأسد إلى عودة العنف للبلاد، ولا سيما مع تنامي خطر "داعش" على الجانب السوري.
وقال، لـ"إرم نيوز"، إن "الإدارة السورية الجديدة لم تتمكن بعد من ضبط الأمن لا سيما مع تصاعد خطر، داعش، وملف السجون التي تحوي عناصر التنظيم الذين يمكن أن يشكلوا تهديداً على العراق"، وفق قوله.
وأضاف، أن "تحسين العلاقات مع تركيا عبر مشروع التنمية يمكنه أن يحفز الأتراك على دفع الإدارة الجديدة إلى عدم السماح للمسلحين بالاقتراب من الحدود العراقية وبالتالي الحفاظ على استقرار البلاد بهدف المضي بالمشروع الذي سيمنحها فرصة اقتصادية استثمارية كبيرة".
ومن المقرر أن يفتح مشروع طريق التنمية "بابًا لتعاون أمني أوسع بين العراق وتركيا في مجال مكافحة التهديدات المشتركة والجماعات المسلحة التي تؤثر على البلدين، لضمان استقرار المنطقة، وتحقيق التنمية المستدامة لكل من تركيا والعراق"، بحسب الربيعي.