ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء

logo
العالم العربي

ماذا يخفي تراجع الدعم الأمريكي لبغداد وزيادته لـ"البيشمركة" الكردية؟

قوات البيشمركةالمصدر: منصة إكس

أثار الكشف عن تفاصيل موازنة وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2026، والتي تضمنت زيادة الدعم المخصص لقوات البيشمركة الكردية مقابل تقليص المساعدات للقوات العراقية الاتحادية، تساؤلات واسعة حول أهداف واشنطن وخياراتها العسكرية في العراق، وسط حديث عن تحول في "بوصلة" الاهتمام الأمريكي من بغداد إلى أربيل.

ورصدت موازنة البنتاغون مبلغًا قدره 61 مليون دولار لتجهيز البيشمركة، بزيادة تقارب 5 ملايين دولار عن العام الماضي، في مقابل تقليص دعم القوات العراقية من 189 مليون دولار إلى نحو 48 مليون دولار فقط؛ ما أثار جدلًا بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة بصدد إعادة صياغة أولوياتها الأمنية وربما اعتماد إقليم كردستان شريكًا أكثر موثوقية في المرحلة المقبلة.

أخبار ذات علاقة

جنود أمريكيون في العراق

مسؤول أمريكي لـ"إرم نيوز": قواتنا في العراق باقية إلى "أجل غير مسمى"

وتزامن هذا التطور مع تحركات أمريكية على الأرض ضمن مسار الانسحاب من العراق، حيث نقلت واشنطن جزءًا من قواتها من قاعدتي "عين الأسد" في الأنبار و"فيكتوريا" قرب مطار بغداد إلى قاعدة "حرير" في أربيل.

وسبق ذلك افتتاح واشنطن أكبر قنصلية لها في العالم داخل الإقليم؛ ما يعزز الانطباع بأن الإدارة الأمريكية تهيئ ترتيبات طويلة الأمد مع حكومة الإقليم بعيدًا عن بغداد.

تعثر ملف الميليشيات

ويشير مختصون إلى أن هذه التحركات تؤشر تراجع الثقة الأمريكية بالشراكة العسكرية مع الحكومة الاتحادية، خصوصًا مع تعثر ملف دمج الميليشيات المسلحة في المؤسسة الرسمية، إذ تخشى واشنطن أن تتحول أي مساعدات مالية أو عسكرية إلى رافد إضافي لتلك الجماعات، وهو ما دفعها إلى توجيه الجزء الأكبر من دعمها إلى قوات البيشمركة التي تراها أكثر التزامًا وانضباطًا.

بدوره، أوضح الباحث في الشأن السياسي علي ناصر أن "الولايات المتحدة اعتادت على استخدام ورقة المساعدات العسكرية كأداة ضغط على الحكومات العراقية المتعاقبة".

وأضاف علي ناصر لـ"إرم نيوز" أن "التركيز الحالي على قوات البيشمركة لا ينفصل عن هذا السياق، فهو رسالة مزدوجة للحكومة في بغداد بضرورة إعادة النظر في سياساتها الأمنية، وفي الوقت ذاته تعزيز التعاون مع إقليم كردستان الذي يشهد استثمارات أميركية متزايدة".

وأشار ناصر إلى أن "التطورات الإقليمية، بما فيها التهديدات الإسرائيلية واحتمالات التصعيد مع إيران، تجعل واشنطن حريصة على تأمين موطئ قدم آمن في العراق، بعيدًا عن مناطق النفوذ التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة".

بغداد في حرج

لكن هذه المقاربة تضع الحكومة العراقية في موقف حرج، فهي من جهة لا تستطيع التخلي عن الدعم الأميركي، ومن جهة أخرى تواجه ضغوطًا داخلية من قوى سياسية وميليشيات مسلحة ترى في هذا الدعم انتقاصًا من السيادة الوطنية.

ويعتقد خبراء أن استمرار هذا النهج قد يُفضي إلى تعزيز مكانة إقليم كردستان بوصفه الشريك الأول لواشنطن في العراق، وهو ما قد يثير حساسية القوى السياسية في بغداد، كما أن المضي في هذا المسار قد يُعمّق التباين بين المؤسستين العسكرية والأمنية في الإقليم والمركز.

أخبار ذات علاقة

عناصر ميليشيا عراقية

استنفار بعد التصنيف الأمريكي.. قادة الميليشيات العراقية يفرون ويخلون مقراتهم

من جهته، يرى المحلل السياسي هافال مريوان أن "قلق واشنطن مشروع، إذ لم يلمس الأميركيون تقدماً حقيقياً في ملف نزع سلاح الميليشيات، بل إن الأجهزة العراقية تبدو عاجزة عن التعامل مع هذا الملف حتى الآن".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الولايات المتحدة لا تريد أن ترى أموالها تتسرب إلى تلك الجماعات، خاصة أن بعض الفصائل ما زالت تعمل بشكل موازٍ للقوات الأمنية الرسمية".

وأكد مريوان أن "غياب أي خطة حكومية واضحة لمواجهة سلاح الميليشيات المنفلت جعل واشنطن أكثر ميلاً للاعتماد على قوات البيشمركة، التي تُنظر إليها باعتبارها قوة منظمة يمكن أن تمثل ضمانة أمنية أكبر في المرحلة المقبلة".

دعم أمريكي

وتحظى قوات البيشمركة الكردية بـاستقلالية شبه تامة عن الأجهزة الأمنية العراقية وسيطرة القائد العام للقوات المسلحة، إذ تخضع بشكل مباشر لـوزارة شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، وتعمل وفق أنظمة وقوانين داخلية بعيدة عن سلطة بغداد؛ ما جعلها، وفق مختصين، أكثر مرونة في بناء علاقات مستقلة مع التحالف الدولي.

وتشرف الولايات المتحدة منذ سنوات على مشروع دمج قوات البيشمركة، في إطار مساعٍ لتعزيز قدرتها على العمل كقوة موحدة ومنظمة، بعيدًا عن الانقسام الحزبي التقليدي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، إذ وفرت واشنطن برامج تدريب متقدمة في مجالات القيادة والسيطرة والاتصالات، فضلاً عن الدعم اللوجستي والتسليحي لضمان نجاح هذه العملية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC