منذ قرابة شهرين، أصبحت مدينة منبج السورية مسرحا لتفجيرات متكررة عن طريق سيارات مفخخة، أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين، فيما تثار تساؤلات حول الفاعل الحقيقي الذي يقف وراء هذه الحوادث المتكررة.
هذه الهجمات، التي تسببت في حالة من الذعر والخوف، جاءت بعد سيطرة فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا على منبج، إثر انسحاب قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وفي وقت لا يعلن أحد المسؤولية عن التفجيرات، تتعدد الاتهامات التي تشير إلى أطراف مختلفة.
وفي اتصال مع "إرم نيوز"، أكد سيامند علي، الناطق الرسمي باسم وحدات الشعب الكردية، أن قوات سوريا الديمقراطية ترفض ثقافة التفجيرات والاقتتال الداخلي والإرهاب والفوضى والفتنة.
وقال: "إن أسلوب السيارات المفخخة معتمد من قبل الفصائل التابعة لتركيا، ويهدف إلى ترويع السكان ومنعهم من الاحتجاج على الأوضاع السيئة التي تعيشها منبج، بما في ذلك قضايا السرقة والنهب والاغتصاب التي تمارسها عناصر تلك الفصائل".
وأصدرت قوات سوريا الديمقراطية بيانا نفت فيه مسؤوليتها عن انفجار السيارات المفخخة في منبج، مؤكدة استعدادها لتقديم خبراتها في التحقيق لكشف الفاعلين. وأكدت أن توجيه الاتهامات لقسد، بعد دقائق من وقوع الانفجارات، دون إجراء تحقيقات أو تقديم أدلة، يثبت حقيقة من يقف وراء تلك التفجيرات.
وتتزامن حوادث السيارات المفخخة التي تستهدف منبج مع المعارك الدائرة في محور سد تشرين، بين قوات الجيش الوطني المدعوم من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، بمشاركة المدفعية الثقيلة والطيران التركي.
ويقول المحلل السياسي عصام عزوز لـ"إرم نيوز"، إن الصراع في المنطقة في أوجه على مختلف الجبهات، حيث تحاول قوات الجيش الوطني الاستيلاء على سد تشرين والتقدم نحو مدينة كوباني (عين العرب)، ولكن البت في موضوع السيارات المفخخة في منبج يتطلب تحقيقا شفافا مدعوما بالأدلة والبراهين.
ويُرى العقيد المتقاعد صلاح القادري أن استخدام أسلوب السيارات المفخخة في الحرب السورية ليس جديدا، فقد استهدف العديد من المناطق والمدن في وقت سابق.
وقال القادري لـ"إرم نيوز": "غالبا ما تسعى الأطراف المتحاربة إلى استخدام الوسائل المتاحة كافة لتحقيق الفوز، وفي بعض الأحيان تكون هناك جهات نسميها بـ"الطابور الخامس"، هدفها إشعال الصراع وزيادة شدته، حتى لا تهدأ المعارك".
وحصد آخر انفجار عبر سيارة مفخخة استهدف منبج في 3 فبراير/ شباط الجاري أرواح أكثر من عشرين شخصا، معظمهم من النساء العاملات في الزراعة، بالإضافة إلى وقوع عدد كبير من الجرحى بين المدنيين.
ويرى العقيد المتقاعد صلاح القادري، أن موضوع السيارات المفخخة لا حل له في هذا النوع من الحروب، حيث تتداخل الجغرافيا والمدن. ويضيف: "إذا لم يُحل ملف شمال شرق سوريا عبر المفاوضات بين قيادة دمشق وقوات قسد، فإن الأحداث ستستمر وربما تتفاقم في المرحلة القادمة".
وتبعد مدينة منبج 30 كم غربي نهر الفرات، و80 كم عن حلب باتجاه الشمال الشرقي.
وسيطر عليها تنظيم "داعش" عام 2014، ثم استولت عليها "قسد" عام 2016 إثر هجوم دعمه طيران التحالف الدولي.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024، أطلقت فصائل "الجيش الوطني" بدعم تركي معركة "فجر الحرية"، وتمكنت من السيطرة على منبج بعد اتفاق بوساطة أمريكية قضى بانسحاب قوات سوريا الديمقراطية بعد 8 سنوات من السيطرة على المدينة.