يبدو حزب الله في أشد حالاته ضعفاً وإنهاكاً، مع استمرار تلقيه ضربات إسرائيلية مستهدفة ما تبقى من قادته العسكريين، في عمليات تتكرر بشكل شبه يومي، في الجنوب أو في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث معقله المدمّر.
الأربعاء، قتلت إسرائيل حسين نزيه برجي، أحد كبار مهندسي حزب الله في مجال تطوير وإنتاج الصواريخ الدقيقة، في حدث كان يمكن أن يكون قبل عامين "مزلزلاً"، ويدفع أمين عام الحزب السابق، حسن نصر الله، إلى الخروج في خطاب متلفز متوعّداً تل أبيب برد "لم تشهده من قبل".
لكن متابعين يؤكدون أن حزب الله بات اليوم غير قادر حتى على "الردّ الإعلامي"، إذ باتت منصّاته مخصصة لنعي القادة العسكريين الذين قتلوا باستهدافات "سهلة" ومباشرة، كشفت هشاشة أمنية عالية في منظومة الميليشيا.
ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اخترقت إسرائيل الهدنة مع حزب الله 1500 مرة بحسب إحصاء وسائل إعلام لبنانية، توزّعت بين نسف المنازل وتفجيرها وجرف الطرقات وإحراق المحاصيل الزراعية والمساحات الحرجية، إضافة إلى التحليق المتواصل للطيران المسيّر فوق الجنوب والعاصمة بيروت والبقاع.
لكن الأبرز أنه خلال تلك الخروقات التي قوبلت بصمت من حزب الله، عسكرياً ثمّ إعلامياً، أنها استهدفت أسماء بارزة في تشكيلاته العسكرية، إذ قتلت إسرائيل منذ نوفمبر الماضي نحو 200 من عناصر وقيادات الميليشيا.
وتفسّر أوساط لبنانية حالة الوهن التي يبدو عليها الحزب بعدم رغبته، بخرق الهدنة، ما يعني عودة الحرب، خصوصاً مع رفض بيئته الحاضنة مواجهة مكلفة كتلك التي شهدتها المناطق الشيعية في بيروت والجنوب.
وقُتل 4 آلاف شخص من البيئة الحاضنة للحزب في لبنان بين 8 أكتوبر 2023 إلى 27 نوفبمر 2024، فيما أصيب نحو 16 ألفاً، بحسب أرقام وزارة الصحة، بينما قدّر البنك الدولي الأضرار السكنية في مناطق الحزب بنحو 2.8 مليار دولار، مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية.
ويرى مراقبون أن المستغرَب ليس غياب عدم الرد العسكريّ من قبل ميليشيا حزب الله، بل فيما يمكن وصفه "إدمان" الحزب على الضربات العسكرية الإسرائيلية المركزة، وهو أمر يُحال إلى غياب الشخصية "الكاريزمية" التي أضفاها حسن نصر الله على الحزب لثلاثة عقود.
ويفتقر الأمين العام الحالي، نعيم قاسم لـ "كاريزما" سلفه، الذي كان بإمكانه تحويل "الهزيمة إلى نصر" ولو عبر خطاب صوتي، بينما يبدو قاسم في إطلالته المحدودة بإحساس فاتر، وهدوء عميق في النبرة، مؤكداً بذلك أن عملية اغتيال حسن نصر الله قد "اغتالت" الحزب أيضاً.
وكانت وسائل إعلام لبنانية كشفت عن عدم تقبل مناصري الحزب لوجود نعيم على قمة الهرم السياسي للميليشيا، والأسبوع الماضي تحديداً، نقلت صحيفة "النهار" عن قياديين في حزب الله أنهم وجّهوا رسالة إلى نعيم قاسم تطالب بإجراء انتخابات، مؤكدة تعمق الانقسام داخل الحزب.