تتزايد الانتكاسات التي يتعرض لها اتفاق الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، الموقع في دمشق، يوم 10 مارس/آذار عام 2025.
وكان آخرها تعيين قائد فصيل "أحرار الشرقية" الذي كان لسنوات مناوئاً لـ"قسد" في منصب قيادي رفيع ضمن الجيش السوري الذي يتم تشكليه حديثاً.
ويأتي ذلك بعد صدور الإعلان الدستوري، بلا تنسيق مع "قسد"، وكذلك بعد تشكيل الإدارة السورية حكومة جديدة، لم يكن لـ"قسد" حضور فيها، ما دفعها لرفض الاعتراف بالإعلان والحكومة معًا.
وقررت الإدارة السورية الجديدة، أمس الأربعاء، تعيين قائد فصيل "أحرار الشرقية"، أحمد إحسان فياض الهايس، المنضوي في "الجيش الوطني" سابقًا، ووزارة الدفاع حاليًا، قائدًا للفرقة 86، العاملة في دير الزور والرقة والحسكة، التي تسيطر عليها قوات "قسد"، ما دفعها لرفض القرار.
ويعتبر أحمد إحسان فياض الهايس، الملقب بـ"أبو حاتم شقرا"، مجرمًا بنظر الأكراد، الذين يتهمونه بارتكاب العديد من الجرائم، أشهرها قتل السياسية الكردية هفرين خلف.
وفور الإعلان عن تعيين "أبو حاتم شقرا" قائدًا للفرقة 86، قال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، فرهاد شامي، عبر حسابه على "فيسبوك": "إن تعيين المجرمين أمثال أبو حاتم شقرا وغيره في أماكن حساسة في سوريا الجديدة، خطوة سلبية وغير مقبولة، ومن شأنها تلويث مؤسسات الدولة".
وأضاف شامي: "لا يمكن لمجرم مطلوب داخليًا ومعاقب دوليًا بسبب سمعته السيئة، أن يشغل مكان "مجرمين سابقين"، بل لا بد أن يلحق بهم ويلاقي مصيرهم"، وفق تعبيره.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، قد فرضت، العام 2021، عقوبات على فصيل "أحرار الشرقية"، الذي يقوده "أبو حاتم شقرا"، بعد اتهامه بالقتل غير القانوني لـ"هفرين خلف"، السياسية الكردية والأمين العام لحزب "سوريا المستقبل"، بالإضافة إلى حراسها الشخصيين في أكتوبر العام 2019.
وبهذا الصدد، يرى المحلل السياسي، مازن بلال، أن الاتفاق الذي وقع بدمشق، بين الشرع وعبدي عبارة عن استعراض سياسي، ولا يتضمن توافقًا على رؤية واضحة لمستقبل سوريا.
ويضيف بلال، لـ"إرم نيوز"، أن "الطرفين متناقضان في الاتجاه العام لمستقبل سوريا وإدارتها، وفي التحالفات الإقليمية، وبالتالي فإن هذا الاتفاق عبارة عن ورقة يمكن تمزيقها في أية لحظة".
ويذهب بلال أبعد من ذلك، عندما يستعرض خطوات الإدارة السورية الجديدة، بعد توقيع الاتفاق بين الشرع وعبدي، فيقول: "عمليًا، الصدام بين الجانبين مؤجل، لأن الأطراف الدولية والإقليمية لا تريده، فالعواصم الدولية لا تملك بعد تصورًا إستراتيجيًا للمرحلة المقبلة ولشكل سوريا المستقبلية".
ويبدو ملف الفصائل الموضوعة تحت قائمة العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى ملف المقاتلين الأجانب، غير قابل للنقاش بالنسبة للغرب، كما يرى المحلل عزام شعث، الذي يشير إلى مجريات المؤتمر الصحفي الذي عقده الشرع مع ماكرون خلال زيارته لباريس.
ويضيف شعث، لـ"إرم نيوز"، أن "الولايات المتحدة والدول الأوروبية حاسمة في هذه القضايا، وكانت مطالبها واضحة بضرورة استبعاد الفصائل المتهمة بالإرهاب والموضوعة تحت قائمة العقوبات، مثل "أحرار الشرقية" بقيادة أبو حاتم شقرا، إضافة لاستبعاد المقاتلين الأجانب، لكن الإدارة السورية تماطل في التنفيذ".
ويؤكد أن الهوة تتسع بين قوات "قسد"، والإدارة السورية الجديدة، بعد أن مرت بأكثر من امتحان فاشل، منها، الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة، وموقف الإدارة من مؤتمر القوى الكردية في القامشلي، والآن تعيين أبو حاتم شقرا، الموضوع على قائمة العقوبات الدولية، قائدًا للمناطق التي تخضع للإدارة الذاتية الكردية.
ويتابع شعث:"ربما لا يكون هامش المناورة متاحًا بالقدر الذي تتخيله الإدارة السورية الجديدة، فالوقت يمضي، ولا تبدو إنجازات الإدارة مقنعة بعد أكثر من 5 أشهر من استلامها السلطة".
ووفق شعث، فإنه "يجب على الشرع التحرر من الضغوط التركية، التي تريد أخذ الأمور باتجاه منحى التصعيد".