رجح خبراء في العلاقات الدولية إلى إتمام صفقة "خفية" بين إيران والفريق الانتقالي لإدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، للتوصل إلى وقف إطلاق النار في لبنان، موضحين أن الصفقة جاء بعدها تكليف من جانب الرئيس ترامب إلى مبعوث الرئيس جو بايدن آموس هوكستين، للقيام بالتنسيق النهائي وتمرير ورقته وما تحمله من بنود.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن أبعاد هذه الصفقة تقوم على تخفيف إيران لدور ونشاط أذرعها في المنطقة، مقابل مكاسب من جانب إدارة ترامب إلى طهران التي تعاني في الأساس من اختناق اقتصادي وفرض عقوبات دولية، من بينها توجيه استثمارات غربية وإفراج جزئي عن مليارات الدولارات من أموال إيران المجمدة في الخارج.
وكانت كشفت صحيفة "واشنطن بوست" نقلًا عن مسؤول في الإدارة الأمريكية أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لم يكن ممكنًا لو كانت إيران معارِضة له، وأشارت إلى أن واشنطن وطهران تبادلتا رسائل منتظمة قبل التوصل إلى الاتفاق، وذلك من خلال تواصل غير مباشر.
وتزامن مع ذلك تأكيد الحكومة الإيرانية، قبل ساعات من بداية اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، استعداد طهران للتفاوض مع واشنطن ودول غربية، لكنها حددت لذلك شرطي "إثبات الثقة" و"الالتزام بأوامر المرشد".
ويرى الخبير في الشأن الإيراني الدكتور محمد المذحجي، أن طهران لعبت دورا كبيرا في التوصل إلى هذا الاتفاق، وذلك عبر خطوط اتصال مع فريق "ترامب" الانتقالي، مستبعدا وجود أي دور لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في ذلك.
وعبر "المذحجي" من خلال تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" ، عن مخاوفه من عدم صمود هذه الهدنة، وخرقها من أطراف كانت ترفضها في ظل وجود انقسام في الداخل الإيراني وأيضا "حزب الله" على حد قوله، حول الاتفاق ووقف الحرب.
وأوضح الخبير أن أمين عام حزب الله نعيم قاسم، دفع باتجاه هذه الهدنة ووقف إطلاق النار للحفاظ على ما تبقى من جماعته، بينما هناك تيار آخر داخل الميليشيا اللبنانية يقوده الأسم البارز في حزب الله خليل حرب، الذي يرفض هو وآخرون تلك الصفقة التي يرون فيها استسلاما وإذلالا ويريدون مواصلة المواجهة، وسط أحاديث عن ما يجهز له خلال الأيام القادمة بقصف إسرائيل وتوفير الذريعة لـ"تل أبيب" لمواصلة الحرب على لبنان.
ويستكمل "المذحجي" بأن نفس الأمر موجود داخل إيران ، حيث يريد "الحرس الثوري" استمرار الحرب في لبنان، رافضا توجهات الحكومة الإيرانية، التي تريد في الوقت الحالي بحسب المستجدات الاقليمية والدولية وقف إطلاق النار هناك، لا سيما مع الخطوط المفتوحة بين طهران وواشنطن بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والحديث عن صفقات منتظرة.
وأردف أن هناك خلافا حادا في إيران حول كيفية التعامل مع الحرب على لبنان، حيث يتمسك "الحرس الثوري" باستكمال المواجهة مع إسرائيل عبر ساحة لبنان ، بينما تريد حكومة الرئيس مسعود بزكشيان، التوصل إلى اتفاق يجنب توسع الحرب تجاه مناطق أخرى لا سيما العراق.
فيما يقول الباحث في العلاقات الدولية أصلان الحوري، إن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، تمّ بتواصل غير مباشر بين طهران وفريق "ترامب" الانتقالي ، الذي وجه بهذا الأمر بداية للتعامل بسياسة قد تحمل تغيرات تجاه إيران، إن كانت صادقة في هذا التعاون مع الإدارة الجمهورية القادمة في الولايات المتحدة.
وذكر "الحوري" في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن "ترامب" وجه مبعوث الرئيس بايدن آموس هوكستين، وقام بإعطائه الضوء الأخضر لاستكمال المفاوضات بعد أن كانت متعثرة، في حين كان مسؤولون في إدارة "ترامب" يجهزون للصفقة، عبر اتصالات غير مباشرة مع طهران.
ويبين "الحوري" أن الدور الذي لعبته إيران في التوصل إلى الاتفاق عبارة عن رسالة لإدارة ترامب بأنهم جاهزون للتعاون ، وفي الوقت ذاته أنها تمسك بأوراق استقرار في مناطق بالشرق الأوسط وتستطيع أن تربط جبهات وتفصلها، وأن لها دورا رئيسا في أن يظل أمن اسرائيل قائما أو مهددا.
ويؤكد "الحوري" أن فريق ترامب لوح ضمن صفقة "خفية" بوقف إطلاق النار في لبنان، بحوافز تقدم من خلال تخفيف إيران دور ونشاط عمل أذرعها في المنطقة، والتي يعتبر حزب الله جزءا أساسيا منها، مقابل مكاسب من إدارة "ترامب" المنتظرة إلى طهران التي تعاني الاختناق الاقتصادي وفرض العقوبات.
وأضاف أن من بين الحوافز اتباع عملية إفراج جزئي عن مليارات الدولارات من أموال إيران المحجوزة في الخارج ضمن العقوبات المفروضة، وقد يصل الأمر مع انضباط سياسة طهران قبل دخول "ترامب" البيت الأبيض، إلى توجيه استثمارات أوروبية إلى إيران في القريب العاجل ومن الممكن أن تكون أمريكية أيضا.