كشف وزير الخارجية اللبناني الأسبق عدنان منصور أن التحرك الدبلوماسي الفرنسي في هذا التوقيت يأتي في سياق مساعٍ متواصلة تبذلها باريس منذ اندلاع المواجهات عام 2023 لوقف إطلاق النار ودعم الحلول الممكنة بين لبنان وإسرائيل.
وأكد الوزير منصور في حوار مع "إرم نيوز" أن زيارة مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، آن كلير لوغاندر، إلى بيروت ليست خروجاً عن المألوف بقدر ما هي حلقة جديدة في سلسلة اتصالات فرنسية تهدف إلى استيضاح الموقف اللبناني وإعادة تنشيط قنوات البحث عن مخرج للأزمة.
ويرى أن هذا الانخراط لا يعكس بداية مرحلة سياسية جديدة بقدر ما يؤكد استمرار الاهتمام الفرنسي، بالتوازي مع بقاء الدور الأمريكي الأكثر تأثيراً في مسار الملف اللبناني.
فرنسا لم تكن يوماً غائبة عن الساحة اللبنانية، منذ استقلال لبنان عام 1943 وحتى اليوم، وهي تعمل منذ اندلاع المعارك عام 2023 على وقف إطلاق النار والمساعدة في إيجاد حل ملائم للطرفين، اللبناني والإسرائيلي.
وزيارة مستشارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت في هذا الوقت الحساس هي جزء من سلسلة زيارات للمبعوثين الفرنسيين إلى لبنان، الهادفة إلى الاطلاع على وجهة نظر الدولة اللبنانية وكيفية العمل على الخروج من الحالة التي يعيشها لبنان في ظل الاحتلال الإسرائيلي القائم والاعتداءات المستمرة عليه.
كما أن هذه الزيارة ليست خطوة لبداية مرحلة جديدة من الانخراط الفرنسي المباشر، طالما أن فرنسا لم تغب يوماً عن الساحة اللبنانية، وإن كان الدور الأقوى والمؤثر للولايات المتحدة في هذا الشأن.
لا يشكل الحضور الفرنسي ولا غيره مطلقاً تراجعاً للحضور الأمريكي، فواشنطن هي اللاعب الأقوى، وهي التي تستطيع ـ إن أرادت ـ حمل إسرائيل على وقف إطلاق النار والالتزام بالاتفاق القاضي بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عبرها يوم 27 نوفمبر 2024، والذي منذ ساعاته الأولى وحتى اللحظة لم تلتزم به إسرائيل، فيما الجانب اللبناني التزم به كاملاً، وهذا بشهادة اللجنة الخماسية وقوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) العاملة في جنوبي لبنان.
كما أن التحرك الفرنسي على معرفة واشنطن به، وليس هناك تباينات جذرية في المواقف، وكون فرنسا تسهم في جهودها لإيجاد مخرج للحل، فلن يكون ذلك متبايناً، بكل تأكيد، مع الموقف الأميركي.
لذا فإن التنسيق في المواقف ضروري لإيجاد القاسم المشترك لحل يرضي الأطراف المتصارعة وأيضاً القوى الخارجية المنخرطة في الشأن اللبناني.
إن المبادرة الفرنسية ليست بحجم المبادرات الأمريكية في أهدافها وقوتها وتأثيرها. وإذا ما اقتصرت المبادرة الفرنسية على جمع شمل الأطراف السياسية اللبنانية وإيجاد التوازن السياسي داخل لبنان، فهذا أمر جيد يخفف كثيراً من التشنج والتباعد الحاصل، ويمكن أن يحقق بعض التقدم في خطواته الأولى.
أما إذا أرادت إيجاد صيغة للوضع الحالي لجهة حل الصراع مع إسرائيل، فلا بد لفرنسا من التنسيق مع واشنطن قبل كل شيء في هذا الشأن.
إن غياب التنسيق الكامل مع واشنطن، ولا سيما حيال الصراع الحالي مع إسرائيل واحتلالها أراضي لبنانية، لن يؤدي إلى نتيجة. لذلك قد يكون للدور الفرنسي قيمة مضافة للجهود الدولية، لكنه لن يكون بديلاً عن الموقف الأمريكي الذي يملك التأثير والكلمة الفصل.
فيما يتعلق بملف الانتخابات، فقد أكدت كل الأطراف السياسية ضرورة إجرائها، وهناك استعدادات بدأت على صعيد الدولة وعلى صعيد الأحزاب والتيارات السياسية التي ستخوضها.
أما موضوع سلاح حزب الله، فهذا موضوع آخر تعمل الدولة على الخروج بصيغة ملائمة بشأنه تحفظ الأمن والاستقرار في الداخل، وتضمن خروج الجيش الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقفاً نهائياً لإطلاق النار، والالتزام بتطبيق القرار 1701 نصاً وروحاً.