قال خبراء في العلاقات الدولية، إن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، يُعد "الضربة الأكبر" للدور الإيراني في المنطقة، ويشكل تهديدًا لنفوذ طهران وعملها التوسعي.
وأشاروا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أنه بسقوط الأسد تكون طهران قد خسرت الحليف الأهم في المنطقة، وفقدت السيطرة على أهم نقطة التقاء لمحورها الذي يخرج من إيران عبر العراق وصولا إلى لبنان من خلال سوريا.
وأكدوا أن الدور الإيراني المتعلق بسياسات طهران التوسعية في الشرق الأوسط، بات مهدداً وأنه سيشهد تراجعاً كبيراً، وسينعكس ذلك على الوجود الإيراني في العراق ولبنان أيضًا.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الياسري، إن إيران تضررت كثيراً مما جرى في سوريا، وإن الضعف الذي واجهت به الضربات والملاحقات أنهت جانباً كبيراً من وجودها في أهم موقع استراتيجي لها ولميليشياتها.
وأوضح في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما جرى لإيران مع غلق الباب السوري في وجه طهران في أقل من أسبوعين، هو النقطة التي سيكون الوقوف أمامها طويلاً مع مراجعة إيران موقفها المتضرر من السياسة التي اتبعتها في سوريا.
ولفت الياسري إلى أن طهران مع خسارة سوريا، باتت مثل من استثمر كل مدخراته وأمواله في مشروع، وظل يعمل عليه حتى يكتمل، وبذل الجهد والوقت، ولكن جاءت المفاجأة التي لم تكن في اعتباره، وأخذت كل شيء.
وأشار إلى أن سوريا مركز مهم ومفصلي لهذا المحور الذي تقوده طهران وكانت تقايض عبره تحقيق أهدافها التوسعية وأخذ دور دولي تحقق من خلاله أغراضاً في الهيمنة، وكانت سوريا هي الممر الذي تقود وتفعّل من خلاله هذا المحور.
وبيّن الياسري أن ما حدث بسقوط نظام الأسد، هو أن سوريا أصبحت حاجزاً أمام إيران يمنعها من قيادة المحور الذي يمر عبر العراق وصولاً إلى أهم الساحات في لبنان عبر أقوى ميليشياتها "حزب الله" ومنه أيضاً إلى قطاع غزة .
وذكر الياسري أن التفاهمات الوحيدة التي من الممكن أن تكون قائمة بين طهران وأحد المكونات السورية، هي التي يمكن أن تجرى مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لقربها مع العراق واحتياجها لإيران في المرحلة القادمة.
وأكد أهمية الوضع في الاعتبار أن "قسد" لن تتعاون مع طهران في أي وضعية إلا من خلال ترتيب أمريكي أو على الأقل موافقة، وهو الأمر المستبعد لاسيما بالمرحلة الحالية.
بدوره أكد الباحث في الشأن الإيراني، عادل الزين، أن كافة التفاهمات المنتظرة في سوريا سواء بين تيارات داخلية أو قوى إقليمية أو دولية، تختلف الآن في عدة ملفات وقضايا.
وبيّن لـ"إرم نيوز"، أن هناك هدفاً واحداً سبق أن تم الاتفاق بشأنه، تم تحقيق جزء منه، وهو المتعلق بإنهاء الوجود الإيراني بنسبة وصلت إلى 70%، وأن العمل خلال المرحلة المقبلة سيستمر في تجفيف بقية المنابع الإيرانية في عدة جهات بالداخل السوري.
وأضاف الزين أن كافة الأطراف والقوى الدولية والإقليمية ومن هم مرتبطون بها في الداخل، سيسعون قبل إنجاز أي مصالح لتلك الأطراف أو حتى تحديد مستقبل سوريا القادم، هو وضع كافة الإجراءات والتصرفات في إنهاء أهم نقطة التقاء لمحور وميليشيات وأذرع ووجود إيران عبر سوريا، وذلك من خلال الخروج والتحول نحو ما يتبقى من داعمين لهذا الوجود بالداخل السوري.
وإنهاء ارتباط من يستطيعون إعادة هذا الوجود مرة أخرى في سوريا من الخارج، سواء "حزب الله" في لبنان، أو الحشد الشعبي وميليشيات عراقية موالية لإيران بأي مكونات سورية في الداخل"، وفقًا للزين.
وأوضح أن ما حدث للوجود الإيراني على الرغم من أنه ضربة قاصمة لها ولنظامها الحاكم ومؤسساتها، يتمثل بفقدان أهم وجود لنفوذ إيران في الخارج وهو نظام الأسد والساحة السورية.
ورجح أن يكون من شأن ذلك تقوية المحور الذي يقوده الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان ، حول الانفتاح على الغرب والتفاهم في تخفيف دور الأذرع والميليشيات مقابل حزم من تخفيف العقوبات وتوقيع اتفاق جديد لبرنامجها النووي، وفك جزئي للأموال المجمدة.
وذكر الزين أن هناك خلافات قوية بالداخل الإيراني حول استمرار النهج التوسعي في المنطقة والتصعيدي مع الغرب، بين "الإصلاحيين" و"المتشددين"، الذي انعكس على القدرات الإيرانية والإمكانيات العسكرية والتسليحية، التي تأثرت منذُ الـ7 من شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2023 وصولاً إلى ما جرى لـ"حزب الله" في لبنان ثم إلى ما حدث في سوريا.
وأكد أن هذه الخلافات الداخلية حول التمدد الخارجي، انعكس بشكل قوي في الأزمة السورية، في تغيير مواقف خبراء وعسكريين إيرانيين ذهبوا إلى سوريا ثم خرجوا سريعاً في ظل تخبط الأوامر الصادرة مع سحب مجموعات عسكرية من القوات الخاصة الإيرانية، وذلك بالطبع يظهر جانباً من الخلافات الداخلية حول سياسات التمدد واتساع النفوذ.