تتعقّد خريطة الصراع الأهلي في سوريا بعد اندلاع اشتباكات واسعة في مدينة السويداء الجنوبية الأسبوع الماضي، بين الفصائل الدرزية ومجموعات عشائرية مسلحة، مُلقية بظلالها على مواجهة أخرى "مؤجلة" بين الأكراد في شرقي وشمالي البلاد، والحكومة المركزية في دمشق.
وبحسب تقرير لموقع "المونتيور" الأمريكي، فمن المرجح أن تُجبر المقاومة الشرسة التي يُبديها الدروز، الرئيس السوري أحمد الشرع على التفكير ملياً، قبل تنفيذ سيناريو مماثل في المناطق ذات الأغلبية العربية الخاضعة للسيطرة الكردية، لإجبار قوات سوريا الديمقراطية على الانسحاب من شرق الفرات.
وفي المقابل، فإن ضراوة هجمات البدو في السويداء، يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لقوات سوريا الديمقراطية، بحسب "المونيتور".
ويقول الموقع "خضع العرب الذين يعيشون تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية للحكم الذي يقوده الأكراد، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية وكراهيتهم العميقة لنظام بشار الأسد".
لكن سياسياً تركياً، طلب عدم الكشف عن هويته، رأى بأنه إذا ما تبيّن أن الأكراد يستغلون الدعم الإسرائيلي للدروز بشكل انتهازي، فقد ينقلب العرب عليهم أيضاً. وأضاف: "هناك الكثير من المظالم المتراكمة".
ووسط الصراعات الحالية والمرتقبة، تعتقد غونول تول، مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط، أن تطورات الأيام الماضية "تكشف كيف أن الشرع غير قادر على توفير الأمن أو الحفاظ على النظام في البلاد".
وبدأت التساؤلات حول قدرة الشرع على إعادة توحيد البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية بالظهور في مارس/آذار، عندما حاولت فلول مزعومة من نظام الأسد شن تمرد في المناطق الساحلية ذات الأغلبية العلوية في اللاذقية وطرطوس.
وأثارت هجماتهم موجة من عمليات القتل الانتقامية على يد فصائل سنية، بما في ذلك تلك المرتبطة بالحكومة؛ إذ قُتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المدنيين العلويين. أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره المملكة المتحدة، بارتكاب جميع الأطراف فظائع في اشتباكات السويداء.
ولم تبدُ قبضة الرئيس السوري على بلاده متزعزعة أكثر من أي وقت مضى وسط الغارات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف دمشق، بزعم الدفاع عن الأقلية الدرزية في قتالها ضد القبائل البدوية والقوات الحكومية في مدينة السويداء الجنوبية.
وفي أبريل، تصاعدت حدة الاشتباكات بين القوات السنية والدروز في ضواحي دمشق؛ ما دفع إسرائيل إلى التدخل، مبررة ذلك بحماية الطائفة التي تضم 150 ألفاً في أراضيها وفي الجولان المحتل.
لكن مارك بيريني، السفير السابق للاتحاد الأوروبي لدى سوريا وتركيا، يرى أن الهدف "غير المعلن هو السيطرة على ممر يمتد إلى العراق في حال تفجر أي صراع مع إيران مجدداً".
كما يعتقد بيريني في المقابل أن الزعيم السوري الجديد يواجه "مهمة بالغة الصعوبة"، حتى من دون التدخل الإسرائيلي في بلاده، مؤكداً أن على الشرع الاستفادة من الدعم الذي يحظى به في الغرب "لأن الجميع يحلمون بمزيد من الاستقرار في المنطقة، ولأن تصريحاته الرسمية لا تشوبها شائبة".