كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مصادر، أن الجيش الإسرائيلي "لم يعثر قط على دليل يثبت أن حماس سرقت، بشكل منهجي، المساعدات المقدَّمة من الأمم المتحدة، إلى قطاع غزة خلال فترة الحرب".
ومنذ هجوم 7 أكتوبر، تتهم إسرائيل حماس بسرقة المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة، ومنظمات دولية أخرى. واستخدمت الحكومة هذا الادعاء مبررًا رئيسًا لتقييد دخول الغذاء إلى غزة.
وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون لـ"نيويورك تايمز" إن نظام تسليم المساعدات التابع للأمم المتحدة، والذي استهزأت به إسرائيل وقوّضته، كان فعالاً، إلى حد كبير، في توفير الغذاء لسكان غزة اليائسين والجوعى.
الآن، ومع وصول الجوع إلى مستويات حرجة في القطاع، تتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة بسبب إدارتها للحرب في غزة، والمعاناة الإنسانية التي جلبتها، بحسب تقرير الصحيفة.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد منسر، هذا الأسبوع إنه "لا توجد مجاعة تسببت بها إسرائيل". وبدلًا من ذلك، ألقى باللوم على حماس، وضعف التنسيق من جانب الأمم المتحدة في أي نقص في الغذاء.
في مايو/أيار، اتجهت إسرائيل نحو استبدال نظام المساعدات الذي تقوده الأمم المتحدة، والذي كان قائمًا طوال معظم حرب غزة التي استمرت 21 شهرًا، واختارت بدلاً من ذلك دعم عملية خاصة تديرها الولايات المتحدة، ويحرسها متعاقدون أمريكيون مسلحون في مناطق تسيطر عليها القوات العسكرية الإسرائيلية. ولا تزال بعض المساعدات تصل إلى غزة عبر الأمم المتحدة، ومنظمات أخرى.
وقال المسؤولون العسكريون الذين تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز" إن عملية الإغاثة الأصلية للأمم المتحدة كانت موثوقة نسبيًا، وأقل عرضة لتدخل حماس من عمليات العديد من المنظمات الأخرى التي تنقل المساعدات إلى غزة. ويعود ذلك، إلى حد كبير، إلى أن الأمم المتحدة كانت تدير سلسلة إمدادها بنفسها، وتتولّى التوزيع مباشرة داخل غزة.
ووفق ما نقلت الصحيفة عن المسؤولين، فإن "حماس سرقت بالفعل من بعض المنظمات الصغيرة التي تبرعت بالمساعدات، إذ لم تكن هذه المنظمات متواجدة دائمًا على الأرض للإشراف على التوزيع".
وأضافوا "لكن لا يوجد دليل على أنها سرقت بانتظام من الأمم المتحدة، التي كانت تُقدم الجزء الأكبر من المساعدات".
وأفادت وكالة "رويترز"، يوم الجمعة، أن تحليلاً داخلياً أجرته الحكومة الأمريكية توصل إلى نتيجة مماثلة. وذكر التقرير أنه لم يعثر على أي دليل على قيام حماس بسرقة ممنهجة للإمدادات الإنسانية من الأمم المتحدة.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول سابق في الأمم المتحدة في غزة أشرف على تنسيق المساعدات مع إسرائيل لمدة 13 شهراً تقريباً من الحرب: "لقد تعرضنا نحن والمنظمات الأخرى، لعدة أشهر، إلى اتهامات بأن حماس تسرق منا".
في بيانٍ له، قال الجيش إنه "واثق جداً " بأن حماس دأبت على "استغلال المساعدات الإنسانية لتمويل الأنشطة الإرهابية". لكن الجيش لم يُنكر التقييم القائل بعدم وجود أدلة على أن حماس سرقت مساعداتٍ من الأمم المتحدة بانتظام.
استخدمت إسرائيل ذريعة سرقة حماس للمساعدات عندما قطعت جميع الإمدادات الغذائية وغيرها عن غزة بين مارس/آذار ومايو/أيار.
في مارس/آذار، وبعد انهيار وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، صرّح نتنياهو، قائلاً: "حماس تسيطر، حاليًا، على جميع الإمدادات والبضائع التي تدخل غزة"، وأعلن أن إسرائيل ستمنع أي شيء من دخول القطاع.
وأدى هذا الحصار، إلى جانب المشاكل المرتبطة بنظام المساعدات الجديد الذي أُطلق، في مايو/أيار الماضي، إلى وصول الجوع والموت جوعاً في غزة إلى مستويات الأزمة الحالية.
وعلى مدى معظم فترة الحرب، كانت الأمم المتحدة المصدر الأكبر للمساعدات التي دخلت غزة، وفقاً لبيانات الوحدة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على السياسة في المنطقة.
الآن، تُدار منظومة المساعدات الجديدة من قِبَل مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، وهي شركة أمريكية خاصة يديرها عميل سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وكان من المفترض أن تحل هذه المؤسسة محل منظمات الإغاثة الدولية، ودور الأمم المتحدة، في نهاية المطاف.
ولكنها لا تمتلك سوى عدد قليل من مراكز التوزيع، مقارنة بالمئات في ظل العملية السابقة التي كانت تديرها الأمم المتحدة.
وبعد أن خلُصت إسرائيل إلى أن حماس لم تسرق من الأمم المتحدة بشكل منتظم، اجتمع أعضاء من الجيش الإسرائيلي، في منتصف مارس/آذار، مع المستشار العسكري لنتنياهو لمناقشة الخطط الحكومية الناشئة بشأن نظام مساعدات جديد، وفقاً للمسؤولين الذين نقلت عنهم "نيويورك تايمز".
وفي الاجتماع، قالوا إن المسؤولين العسكريين أعربوا عن مخاوفهم بشأن نية أن تكون "غزة الإنسانية" هي المزود الوحيد للمساعدات لجميع أنحاء غزة، وقدموا خطة لتوسيع دور الأمم المتحدة في أجزاء من غزة، حيث لا يتوقع أن تعمل "غزة الإنسانية".
واقترح المسؤولون العسكريون في الاجتماع أيضًا أن تقوم الأمم المتحدة بتوزيع أنواع أخرى من المساعدات، مثل الإمدادات الطبية.
لكن الحكومة رفضت في البداية خطة الجيش، بحسب 3 أشخاص مطلعين على الأمر، والسجلات التي استعرضتها صحيفة "نيويورك تايمز".