في تطور جديد يعكس تصاعد التوترات بين الجزائر وفرنسا، أعلنت الجزائر عن اتخاذ إجراءات دبلوماسية صارمة ضد باريس، ردًّا على ما وصفته بـ"العرقلة المتعمدة" التي يتعرض لها دبلوماسيوها في المطارات الفرنسية، خصوصًا ما يتعلق بمنعهم من استلام الحقائب الدبلوماسية، وهو ما اعتبرته خرقًا صارخًا للاتفاقيات الدولية.
صمت فرنسي في وجه التصعيد
من جانبها، لم تصدر السلطات الفرنسية أي تعليق رسمي على هذه التطورات، كما تجاهلت الرد على الاحتجاجات الجزائرية، سواء تلك التي حدثت في الأيام الماضية أو الإجراءات العقابية الأخيرة التي فرضتها الجزائر. ويفسر محللون هذا الصمت بأنه تعبير عن أزمة ثقة متفاقمة بين البلدين، ولا سيما في ظل التوترات المتكررة خلال السنوات الأخيرة، بحسب إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية.
أزمة تتجاوز حدود البروتوكول
ووفقاً للإذاعة الفرنسية فإن هذه المواجهة الدبلوماسية الأخيرة تكشف عن جذور عميقة من التوتر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث تتكرر الأزمات المرتبطة بالسيادة والاحترام المتبادل، في ظل تاريخ طويل ومعقد من العلاقات الاستعمارية، وسياقات سياسية متغيرة على ضفتي المتوسط.
ورأت الإذاعة الفرنسية أن هذا التصعيد قد يفتح فصلًا جديدًا من التوتر بين الجزائر وباريس، في حال لم تتحرك فرنسا سريعًا لإعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، والالتزام بالمعايير الدولية التي تحكم التعامل مع البعثات الدبلوماسية.
الجزائر تستنكر عرقلة فرنسا لحركة دبلوماسييها
وفي بيان رسمي صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، أعربت الجزائر عن استيائها العميق مما وصفته بـ"القيود المتواصلة التي تفرضها السلطات الفرنسية" على تحركات دبلوماسييها داخل المطارات، وخاصة في باريس، حيث تم منع طاقم السفارة الجزائرية من الدخول إلى المناطق المخصصة لاستلام الحقائب الدبلوماسية، وهي إجراءات تخالف اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وأشارت الجزائر إلى أن هذه الانتهاكات المتكررة لا تقتصر فقط على السفارة، بل امتدت لتشمل المصالح القنصلية الجزائرية في فرنسا، مما دفع وزارة الخارجية الجزائرية إلى استدعاء القائم بالأعمال الفرنسي في الجزائر مرتين خلال 48 ساعة، لتقديم احتجاج رسمي وشديد اللهجة.
إجراءات جزائرية بالمثل
وفي رد فعل فوري وواضح، أعلنت الجزائر عن سحب جميع بطاقات الدخول الخاصة بالدبلوماسيين الفرنسيين إلى الموانئ والمطارات الجزائرية، وهو امتياز كانت تمنحه الدولة للبعثات الدبلوماسية الفرنسية. وذكرت الخارجية الجزائرية أن هذه الخطوة تأتي "تطبيقًا صارمًا لمبدأ المعاملة بالمثل"، في ظل استمرار العرقلة الفرنسية غير المبررة، وفق تعبيرها.
ووصفت الجزائر الإجراءات الفرنسية بأنها تمثل انتهاكًا للاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية فيينا، معتبرة أن فرنسا أخلّت بالتزاماتها الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بـحرية وسلامة تنقل الدبلوماسيين. كما لمحت الجزائر إلى إمكانية اللجوء إلى الأمم المتحدة من أجل الدفاع عن حقوقها السيادية وصون كرامة بعثاتها الدبلوماسية.