بثت حركة حماس، قبل أيام قليلة، في خضم المعركة مع إسرائيل، مقطع فيديو أظهر جولات استطلاعية لما قالت إنها مواقع وأهداف إسرائيلية.
وكان اللافت في الفيديو اسم الطائرة المستخدمة في التصوير، طائرة الزواري، الذي يعيد إلى الأذهان عقلا تونسيا وضع المقاومة الفلسطينية على خارطة "حرب المسيرات".
فما قصة التونسي محمد الزواري.. الغائب الحاضر في حرب غزة، ومهندس المشروع الفلسطيني الأكثر جرأة وتحديا لإسرائيل؟.
عندما بدأت حماس وضع اللبنات الأولى لمشروع تصنيع طائرات مسيرة، عام 2003، تلقت سريعا ضربة موجعة، فقد اغتالت إسرائيل في العام ذاته المجموعة المسؤولة عن المشروع بقيادة نضال فرحات.
أجهض الحلم سريعا، أو هكذا ظنت إسرائيل، فبعد 11 عاما من تلك الضربة، أعلنت حماس استخدام أول طائرة مسيرة، "أبابيل 1"، التي شكلت رغم بساطتها نقلة نوعية في قدرات المقاومة الفلسطينية.
واليوم، تكشف الحركة عن طائرة شهاب الأكثر تطورا.. وطائرة الزواري تحلق بثبات فوق إسرائيل.. فكيف حدث ذلك؟
مر الزواري برحلة سجن ومطاردة من قبل نظام زين العابدين بن علي، جال خلالها دولا عربية، من بينها سوريا التي انضم فيها سرا إلى كتائب القسام عام 2006.
عقب اغتيال مجموعة فرحات، حمل الزواري على عاتقه مهمة تحقيق مشروع الطائرات المسيرة، مستفيدا من دراسته الهندسة الميكانيكية، ومدة تدريبية قضاها في إيران.
زار الزواري غزة مرات عدة، وانتظم في صفوف وحدة الطائرات المسيرة، وصار لاحقا رئيسها، ليشرف على تصنيع طائرات أبابيل، محققا بذلك المشروع الذي انتظرته حماس طويلا.
تقنية صناعة المسيرات التي رسمها الزواري، مهدت الطريق أمام حماس لغزو البحر كما السماء، فقد انتقل الرجل إلى صناعة الغواصات المسيرة، التي كانت موضوع رسالته لشهادة الدكتوراه، لكن الوقت لم يسعفه لمناقشتها.
اغتيل الزواري بـ20 رصاصة استهدفته في عملية معقدة للموساد الإسرائيلي عام 2016 في تونس، التي عاد إليها بعد ثورة أطاحت بالنظام الذي طارده.
وبعد 5 أعوام على استشهاده، رأت غواصات الزواري النور.. هذا ما كشفته إسرائيل بنفسها في معركة "حارس الأسوار" عندما أعلنت التصدي لغواصة فلسطينية حاولت استهداف منصة غاز إسرائيلية في مياه المتوسط.
رحل الزواري، لكن مشروعه بقي وتطور، لينهي أعواما طويلة ظنت إسرائيل خلالها أن زمن تحليق طائرات معادية في سمائها قد ولى إلى غير رجعة.
