مفوض الأونروا: الوضع الإنساني في قطاع غزة في غاية السوء

logo
أخبار

طموحات الصين في معادن غرينلاند النادرة تصطدم بالنفوذ الأمريكي والسياسة المحلية

طموحات الصين في معادن غرينلاند النادرة تصطدم بالنفوذ الأمريكي والسياسة المحلية
08 أبريل 2021، 11:26 ص

اصطدمت طموحات الصين بتطوير منجم أرضي نادر ضخم بدوامة من السياسة المحلية في منطقة تعتبرها الولايات المتحدة مهمة لمصالحها الأمنية القومية.

وكانت الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي يتنافسون على النفوذ في غرينلاند، في السنوات الأخيرة، في المنطقة التي تشهد تحولا نتيجة لتغير المناخ، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد إلى إتاحة فرصة إقامة طرق شحن جديدة في بحر القطب الشمالي، فضلا عن استخراج الموارد.

ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، كانت شركة شنتشي القابضة للمعادن النادرة في الصين وشركة أسترالية على وشك تطوير منجم على طول الساحل الجنوبي للجزيرة المتجمدة، عندما دعت حكومة غرينلاند إلى إجراء انتخابات مبكرة وسط تصاعد الجدل حول تأثير المشروع على البيئة.

وفي يوم الأربعاء، احتل حزب مجتمع الشعب اليساري المؤيد للبيئة في غرينلاند المركز الأول في تلك الانتخابات بنسبة 37% من الأصوات؛ مما مهد الطريق أمام زعيم الحزب "ماكم ايجيدي" لتشكيل حكومة ائتلافية، وحصل حزب "سيوموت" الذي دعم مشروع التعدين على 29% من الأصوات فقط.

وتركت الانتخابات مصير المشروع، الذي يشكل جزءا كبيرا من سعي بكين إلى تعزيز قبضتها على المعادن النادرة حول العالم، مجهولا.


0729abe6-2d56-4cd9-951b-7ec45e5bf17c



وتدخل المعادن النادرة في صنع البطاريات والمغناطيسات التي تستخدم في تصنيع التكنولوجيا من الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية إلى توربينات الرياح، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي عليها، مع عمل بلدان العالم على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق باريس للمناخ، الذي قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن الانضمام إليه مرة أخرى.

وتستخرج الصين أكثر من 70% من المعادن النادرة في العالم، وهي مسؤولة عن 90% من عملية تحويلها إلى مغناطيسات، ووفقا لمركز "أداماس إنتليجينس" لبحوث المعادن والفلزات، كان من المتوقع أن ينتج مشروع التعدين في منطقة كفانيفجيلد الجبلية في غرينلاند، 10% من المعادن النادرة في العالم.

واستحوذت شركة شنغي الصينية، وهي واحدة من أكبر منتجي المعادن النادرة في العالم، على حصة 12.5% من شركة "غرينلاند مينرالز" الأسترالية التي تحمل ترخيصا استكشافيا للمشروع، في عام 2016، مما يجعلها أكبر مساهم في الشركة. ومنذ ذلك الحين، تم خفض حصة شنغي إلى 9%، ولكن شركة غرينلاند مينرالز تعتمد على الشركة الصينية لمعالجة أي مواد تستخرجها من غرينلاند، وهي خطوة صعبة تقنيا وتشكل عاملا أساسيا في جدوى المشروع.

ويشمل امتياز التعدين رواسب اليورانيوم، التي يخشى السكان المحليون من تسربها إلى المناظر الطبيعية والمزارع البكر في المنطقة، ومن المتوقع أيضا أن يزيد المشروع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في غرينلاند بنسبة 45 %.

وقال مايلز غاي، المدير المالي لشركة غرينلاند مينرالز، إن الشركة كانت على وشك إزالة العقبات الأخيرة في ماراثون تنظيمي دام سنوات عندما تمت الدعوة إلى إجراء الانتخابات المبكرة، واستثمرت الشركة 99 مليون دولار أمريكي في المشروع.

وقال غاي: "في رأينا من شأن عكس القرار وإلغاء الصفقة أن يظهر سوء النية بوضوح".

وقالت اغا كيمنتس لارسن، وهي عضوة في حزب مجتمع الشعب، إن نتيجة الانتخابات منحت حزبها تفويضا قويا لمعارضة المنجم، مشيرة إلى أنه: "سيكون مدمرا لغرينلاند".


a76510a0-df24-4c19-a533-7fa2cdeef43f



ويعتبر مسار استقلال غرينلاند على المحك، حيث لا تزال الجزيرة تخضع للحكم الجزئي من قِبل الدنمارك، التي تترأس محفظة الدفاع والشؤون الخارجية في البلاد وتمنح غرينلاند منحة سنوية بقيمة 3.9 مليار كرونة دنماركية (623 مليون دولار) للمساعدة في تمويل الخدمات الأساسية.

ويتطلب إعلان الاستقلال التام عن الدانمارك من سكان غرينلاند البالغ عددهم 56 ألف نسمة، إيجاد مصدر آخر للدخل للتعويض عن فقدان تلك المنحة.

وقال غاي إنه من المتوقع أن يحقق مشروع كفانيفجيلد 200 مليون دولار من الإيرادات الضريبية السنوية لحكومة غرينلاند، فضلا عن توفير مئات الوظائف المحلية.

وتمنح معاهدة دفاعية عمرها عقود بين الدنمارك والولايات المتحدة، الجيش الأمريكي حقوقا غير محدودة تقريبا في المستعمرة الدنماركية السابقة في قاعدة ثول الجوية السابقة، في أقصى شمال الولايات المتحدة، والتي تضم جزءا من نظام أمريكي للإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية.

إلا أنه في السنوات الأخيرة، كان على الولايات المتحدة أن تتنافس مع الصين على النفوذ على الجزيرة في أمريكا الشمالية، وفي عام 2016، حاولت شركة مملوكة للحكومة الصينية شراء قاعدة بحرية مهجورة في غرينلاند، ولكن الدنمارك أرسلت 4 بحارة للعيش هناك وإبعاد الاهتمام الصيني.

وفي عام 2017، أعلنت جامعة صينية مملوكة للدولة، أنها ستبني هوائي أبحاث قطبية في الجزيرة، ولكن حكومة غرينلاند نفت الموافقة على الاقتراح أو حتى السماع به، وتوقف المشروع.

وفي العام نفسه، سافرت حكومة غرينلاند إلى بكين للاجتماع مع مصرفين صينيين مملوكين للدولة؛ لمعرفة ما إذا كانا سيمولان مطارا جديدا للعاصمة نوك، التي لا يمكن لمدرجها الصغير المنحوت في سفح تل مغطى بالثلوج، أن يستقبل سوى الطائرات الصغيرة، حيث من شأن بناء مطار أكبر، كبير بما يكفي لاستقبال طائرات الركاب، أن يساعد في فتح غرينلاند أمام السياحة.

إلا أن اهتمام الصين أثار القلق في البنتاغون، من أنه إذا تخلفت غرينلاند عن سداد القروض، فإن الحكومة الصينية قد تطالب بخط جوي استراتيجي يبعد بضع ساعات فقط بالطيران من الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في عام 2019 أن الرئيس دونالد ترامب قد سأل المستشارين بشكل خاص عما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة شراء غرينلاند، معربا عن اهتمامه بمواردها الوفيرة وأهميتها الجيوسياسية.

وبعد أشهر، زار وفد من مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون الجزيرة، التي أدانت حكومتها بشدة عرض الرئيس ترامب شراء بلادهم، وفي العام الماضي، افتتحت الولايات المتحدة قنصلية في نوك.


2147dd69-418d-4ce2-8363-c2e107d2f02b



وفي وسط المناورة الجيوسياسية يعلق سكان قرى الصيد التي تنتشر في الساحل الجنوبي لغرينلاند، حيث تخشى نارساك، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها نحو 1300 نسمة، من الأضرار البيئية التي يمكن أن يحدثها المشروع، إذ يشكل تعدين اليورانيوم قضية مثيرة للانقسامات للغاية في غرينلاند، والتي رفعت الحظر الذي فرضته في عام 1988 على استخراج المواد المشعة في عام 2014 بأغلبية صوت واحد في البرلمان.

وأجبرت المناقشات داخل الحزب الحاكم رئيس الوزراء كيم كيلسن على التخلي عن رئاسة الحزب العام الماضي، وقال مارتن بريوم، خبير السياسة الداخلية لغرينلاند: "لا شك أن هذا هو المشروع الأكثر إثارة للجدل في غرينلاند حاليا، فنحن نتحدث عن أحد أكبر مناجم المعادن النادرة في العالم خارج الصين".

ومع ذلك، لا تضمن الانتخابات إلغاء إمكانية تعدين المعادن النادرة في غرينلاند، حيث سيكون حزب مجتمع الشعب منفتحا على إجراء استفتاء حول المشروع، إذا أصر أي من شركائه المحتملين في الائتلاف على إجراء استفتاء كشرط للانضمام إلى الحكومة، وقالت لارسن: "من المحتمل إجراء استفتاء".

ولا يعارض الحزب تطوير مناجم المعادن النادرة في مناطق أبعد في جنوب غرينلاند، وقالت لارسن: "سيكون ذلك أمرا يمكننا بالتأكيد دراسته، وأعتقد أننا سنكون أكثر انفتاحا على المشروع الآخر".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC