logo
أخبار

"نيويورك تايمز": جيش ميانمار يجبر مئات الروهينغا على السير أمام الجنود لكشف الألغام

"نيويورك تايمز": جيش ميانمار يجبر مئات الروهينغا على السير أمام الجنود لكشف الألغام
09 مارس 2021، 11:48 ص

كشف عدد من ضحايا جيش ميانمار عن ممارسات تتجاوز قتل المتظاهرين، لتصل إلى اغتصاب النساء بأسلوب منهجي، إضافة إلى إجبار القرويين على أن يكونوا دروعا بشرية لعناصر الجيش، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

وقالت الصحيفة في تقريرها: "طرق جنود جيش ميانمار باب منزل يوتين اونغ، بينما كان يحتسي الشاي مع أصدقائه وطلب الجنود من جميع الحضور مرافقتهم إلى قرية أخرى، وعندما وصلوا إلى منطقة خطيرة في جبال ولاية راخين، أمر الجنود يوتين وأصدقاءه بالمشي أمامهم، لكن على بعد حوالي 30 مترا، وفجأة داس أحد أصدقاء يوتين على لغم أرضي وتطايرت أشلاؤه، وأصابت شظايا معدنية يوتين في ذراعه وعينه اليسرى".

ونقلت عن يوتين (65 عاماً)، الذي فقد عينه: "هددونا بالقتل إذا رفضنا الذهاب معهم، ومن الواضح جدا أنهم استخدمونا ككاشفات للألغام الأرضية".

وذكرت الصحيفة أن "الجيش وممارساته الوحشية خوف منتشر بكل مكان في ميانمار، وتفاقم هذا الخوف منذ أن استولى الجنرالات على السلطة الكاملة في انقلاب الشهر الماضي، وقتل قوات الأمن للمتظاهرين السلميين في شوارع المدينة، والعنف الشائع في الريف يعمل بمثابة تذكير مروع بإرث الجيش الطويل من الفظائع".

وأضافت: "خلال عقود من الحكم العسكري، كانت أغلبية البمار تهيمن على جيش ميانمار وتعمل بحصانة ضد الأقليات العرقية، ما أسفر عن قتل المدنيين وإحراق القرى، واستمرت أعمال العنف حتى مع تنازل الجيش عن بعض السلطة لحكومة منتخبة ضمن اتفاق لتقاسم السلطة بدأ في 2016، وفي العام التالي، طرد الجيش أكثر من 700 ألف من مسلمي الروهينغا من البلاد، في حملة تطهير عرقي وصفتها لجنة تابعة للأمم المتحدة بأنها إبادة جماعية، وحارب الجنود الجيوش العرقية المتمردة بنفس القسوة، مستخدمين الرجال والفتيان كدروع بشرية في ساحة المعركة واغتصبوا النساء والفتيات في بيوتهن".

عصيان مدني


0b35ab0d-be15-4dfc-a5b8-d4ea03aac00f



ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، عاد المجلس العسكري الآن لتولي السلطة بالكامل، ووجهوا أسلحتهم على الجماهير، التي شنت حركة عصيان مدني في جميع أنحاء البلاد، واتسعت الحملة في مواجهة الإضراب العام، حيث سيطرت قوات الأمن على الجامعات والمستشفيات وألغت التراخيص الصحفية لخمس مؤسسات إعلامية، وقتل ما لا يقل عن ثلاثة متظاهرين رمياً بالرصاص.

ولقي أكثر من 60 شخصا مصرعهم منذ انقلاب الأول من فبراير، وهي حملة دموية متزايدة تعيد إلى الأذهان سحق الجيش للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في الماضي.

وقال ديفيد سكوت ماتيسون المحلل المستقل الذي درس ممارسات الجيش منذ فترة طويلة إنه "جيش ذو قلب مظلم، ومؤسسة لا تندم".

وخلال السنوات الثلاث الماضية، شن الجيش حربا متقطعة ضد المتمردين في ولايات راخين وشان وكاتشين، وكان القتال الأكثر ضراوة في راخين، حيث يسعى جيش أراكان، وهو قوة عرقية من راخين، إلى المزيد من الحكم الذاتي، وغالباً ما يكون المدنيون ضحايا في هذه الصراعات التي طال أمدها، وفقا لشهادات 15 ضحية وأسرهم والشهود في الولايات الثلاث.

وفي مقابلات مع "نيويورك تايمز"، وصف 6 رجال كيف أصيبوا بالألغام الأرضية أو إطلاق النار عندما أجبرهم الجنود على المخاطرة بحياتهم. وروى عدد من النساء أنهن تعرضن للاغتصاب على أيدي الجنود، بينما يتذكر آخرون الأزواج والأبناء الذين لم يعودوا بعد أن أخذهم الجنود.


3f80cbdd-c340-46eb-871f-0ec8e762cce9



وتواصلت الصحيفة مع الضحايا من خلال جماعات حقوقية محلية وثقت رواياتهم، وذهبت إلى المواقع، وقابلت الشهود وأكدت الأحداث بشكل عام، كما أبلغت جماعات حقوق الإنسان عن هذه الممارسات العامة، في حين رفض متحدث باسم الجيش الإدلاء بأي تعليق.

انتهاكات

وذكر الأشخاص الذين تحدثوا إلى الصحيفة نمطاً من الانتهاكات، حيث أجبر الجنود المدنيين على العمل كحمالين تحت تهديد السلاح، وأُمر الرجال والصبيان بالسير أمام الجنود في مناطق النزاع، وغالباً ما كانوا يستخدمون كدروع بشرية.

وفي أكتوبر، كان سيد الأمين، وهو رجل من الروهينغا يبلغ من العمر 28 عاماً، يصطاد السمك في بركة بالقرب من قرية لامباربيل في ولاية راخين، عندما وصل حوالي 100 جندي، وجمعوا 14 رجلاً، بمن فيهم هو، لحمل أكياس الأرز وطعام آخر، وتعرض العديد ممن رفضوا للضرب المبرح، وأضاف: "لقد أُمرنا بالمشي أمام الجنود، ويبدو أنهم أرادوا منا العمل كدروع إذا هاجمهم أحد".

وأفاد الأمين بأنهم ساروا حوالي ساعة قبل أن يبدأ إطلاق النار، وفي حين أنه لم يرَ من أطلق النار عليهم، إلا أنه قد أصيب برصاصتين، قُتل رجل (18 عاماً) وطفل (10 أعوام) أمامه، وأطلق عليهما النار عدة مرات في وجهيهما ورأسيهما، لدرجة أنه كان من الصعب التعرف عليهما، وقال إن الجنود تركوا الجثث ليدفنها القرويون.

ووفقا ليو ثان هلا، عضو مجلس إدارة شبكة أراكان، وهي ائتلاف لحقوق الإنسان، أجبر الجيش ما لا يقل عن 200 رجل وصبي في ولاية راخين على العمل كحمالين في ساحة المعركة ودروع بشرية في السنوات الثلاث الماضية، ومن بين الذين تم أخذهم الذين كان نصفهم دون سن 18، من المعروف أن 30 شخصاً لقوا حتفهم و70 شخصاً على الأقل مفقودون.

وتقول جماعات حقوق الإنسان: إن مثل هذه الممارسات شائعة منذ فترة طويلة في ولايتي كاتشين وشان، وتواجه النساء هناك أهوالا، حيث تمر جرائم العنف الجنسي التي يرتكبها الجيش دون عقاب، وكان الاغتصاب منهجيا وواسع النطاق أثناء التطهير العرقي للروهينغا، وذلك وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، ونفس المصير يصيب نساء الجماعات العرقية الأخرى في مناطق الصراع.


96183906-2602-40fd-8d75-9af2aa419e03



وقال زاو زاو مين، مؤسس مجموعة راخين لحقوق الإنسان: إن "جيش ميانمار ينتهك حقوق الإنسان بطرق عديدة، فالنساء يُغتصبن والقرى تحترق، والممتلكات تُسرق، ويُؤخذ الناس كحمالين".

وفي يونيو، عندما وصل الجنود إلى قرية يو غار في ولاية راخين، قالت داو أو هتاي وين (37 عامًا)، إنها اختبأت في منزلها مع أطفالها الأربعة وحفيدتها حديثة الولادة، وفي تلك الليلة، كشفت صرخات الرضيع وجودهم لأربعة جنود، الذين اقتحموا المنزل، وأعطوها خيارين، إما ممارسة الجنس معهم أو الموت. وخلال الساعتين التاليتين، اغتصبها ثلاثة جنود بينما وقف الرابع يحرس المكان.

ومن ثم تسللت هتاي وين وبناتها والطفل من الباب الخلفي في الصباح ولجأوا إلى مدينة سيتوي، حيث تعيش الآن، وقالت إن زوجها، الذي كان مسافرا، هجرها بعد أن علم بالاغتصاب.

اتهامات جنائية

وعلى الرغم من أن معظم ضحايا اغتصاب الجنود يلتزمون الصمت، إلا أن هتاي وين وجهت اتهامات جنائية، وبعد أن اعترف الجنود حوكموا وأدينوا وحكم عليهم بالسجن لمدة 20 عاماً، وقالت هتاي وين: "أكره هؤلاء الجنود الثلاثة لتدميرهم حياتي، لقد فقدت كل شيء بسببهم".

وكانت هذه الإدانات انتصاراً نادراً في بلد قليلا ما يحاسب فيه الجنود على ما يفعلونه بالمدنيين، ولا يحصل إلا عدد قليل من الضحايا على تعويضات، حتى عندما يتعرضون لإصابات دائمة وخسائر مالية كبيرة، وإذا حصلوا على تعويض يكون ضئيلا.

وفي الجزء الغربي من ولاية راخين، حيث السفر عن طريق النهر أمر شائع، غالباً ما يستولي الجيش على قوارب خاصة لنقل القوات والإمدادات، وفي مارس 2019، قال يو ماونغ فيو هلا (43 عاما)، وهو صاحب قارب من بلدة مراك يو، إن الجنود أجبروه على نقل قواتهم إلى نهر لاي ميو لمحاربة قوات جيش أراكان.

وفي الرحلة السابعة إلى أعلى النهر، تعرضوا لإطلاق نار كثيف، وقال ماونغ فيو هلا، الذي أصيب في فخذه، إنه قفز في الماء وسبح إلى قرية مجاورة وأنقذه السكان، وأعطاه أحد الضباط فيما بعد مبلغا رمزيا قدره حوالي 350 دولارا، وهو جزء صغير من خسائره ونفقاته الطبية، وتساءل: "من يجرؤ على الشكوى، الجواب هو لا أحد".

ويحاول بعض القرويين الهروب من الصراعات، لكنهم يعلقون في أعمال العنف على أي حال، ففي مارس 2018، فرت عائلة يو فيو شان وقرويون آخرون من القتال في ولاية كاتشين في شمال ميانمار، وكانوا متوجهين إلى مخيم للنازحين عندما قابلوا قوات الجيش على الطريق.

وقال فيو شان (48 عامًا) إن الجنود أمروه بالسير على رأس مجموعة من حوالي 50 جندياً عبر منطقة أدغال، وبعد 15 دقيقة من السير في الأدغال داس على لغم، وأُدخل للمستشفى لمدة 3 أسابيع مصاباً بجروح في ساقيه، مبينا أنه "إذا اعترضنا، قد نقتل رميا بالرصاص، ولذلك نفضل السير في حقل الألغام".


9d63f687-353a-4cc3-b3d0-67ea6db3c6e5



وبالنسبة لضحايا هذه الفظائع، نادرا ما تعود الحياة إلى طبيعتها، ولا يعود الأحباء الذين يأخذهم الجنود أبداً، وأولئك الذين يعانون من إصابات مروعة تؤدي إلى إعاقة يجدون صعوبة في العمل.

وفي ولاية شان في شرق ميانمار، أصيب يو ثار بو نغوي (46 عاماً)، الذي كان قد أجبر على خدمة الجيش، في ساقه بشظايا عندما داس جندي على لغم، وقال إنه يمشي الآن بصعوبة، ويستغرق 3 أضعاف الوقت في الذهاب إلى أي مكان، مما اضطره إلى تخفيض مساحة الأراضي التي يزرعها، مما خفض دخله أكثر من النصف.

وأفاد نغوي: "هذه الحادثة غيّرت حياتي، فقد كنت رجلاً سعيداً لكني لم أعد كذلك بعد ما حدث"، وحث الجيش على التوقف عن استخدام المدنيين في المعركة، قائلا: "إذا كنتم تريدون القتال، افعلوا ذلك بأنفسكم".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC