دافع رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي بشدة، اليوم الأحد، عن تعيينه أحد أكبر رموز نظام زين العابدين بن علي مستشارًا سياسيًا له، معتبرًا أنه من الواجب فتح الطريق أمام رموز النظام السابق الذين وصفهم بـ"الطيبين"، وسط جدل واسع داخل البرلمان حول المصالحة.
وخلال جلسة نقاش مشروع موازنة الدولة وقانون المالية، أوضح رئيس البرلمان راشد الغنوشي أن تعيينه لآخر أمين عام لحزب التجمع المنحل محمد الغرياني، مستشارًا له، يأتي في إطار ''تحييد المستشارين''، وفق قوله.
وأضاف أنه"لا يوجد في تعاملنا مع النظام القديم إلا أسلوبان: إما المصالحة والبحث عما هو مشترك أو أسلوب الانتقام".
وتابع الغنوشي:"جُرّب الانتقام في الربيع العربي، فسقط كل الربيع العربي وبقيت تونس، وذلك بفضل سياسة التوافق، وهنالك نماذج مثل جنوب أفريقيا يحتذى بها.. وفي تقديري أن وجود ممثل النظام القديم تحت هذه القبة لا يعني أن الثورة ذهبت إلى الماضي، وإنما الماضي يتطور في اتجاه الحاضر''، بحسب تعبيره.
واعتبر أن"محمد الغرياني قدم اعتذاره للشعب التونسي، وانتقل إلى أرضية الثورة ومنظومتها ولم يتبجح بالماضي، وإنما انتقل إلى الدستور والثورة. ومن ثم يجب أن نفتح الطريق أمام كل الطيبين الذين يريدون الانتقال إلى أرضية الدستور، ويجب أن نشجعهم بدل أن نرسخ القطيعة بيننا".
وجاءت تصريحات الغنوشي على خلفية انتقادات وجهتها رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، لرئيس البرلمان بسبب هذا التعيين، مؤكدة أن التعيين غير قانوني، وأنه ليس من حق رئيس البرلمان تعيين شخصيات في مناصب سياسية دون العودة إلى النواب، وأنها سترفع شعار "ارحل" أمام مستشار الغنوشي محمد الغرياني، رغم أنه كان شريكًا لها في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي قبل ثورة 2011.
ورد النائب في البرلمان عن حركة النهضة نور الدين البحيري على تصريحات موسي بالقول إن"رفض المصالحة الوطنية هو دعوة للحرب الأهلية".
واتهم البحيري رئيسة الحزب الدستوري الحر بـ"التحريض على الكراهية والتباغض".
من جانبها، أكدت النائبة عن حزب التيار الديمقراطي "سامية عبو" أن وجود الأمين العام السابق لحزب التجمع المنحل محمد الغرياني في خطة مستشار لرئيس البرلمان أمر مرفوض، وعلقت قائلة:''لا أهلًا ولا سهلًا''، معتبرة أن''النهضة والتجمع وجهان لعملة واحدة''.
ووفق عبو فإنه"لا مصالحة مع من عمل مع نظام بن علي".
كما عبرت حركة الشعب عن رفضها تعيين آخر أمين عام للتجمع في عهد بن علي مستشارًا لرئيس البرلمان، وقالت إنها ترفض من حيث المبدأ أن يتولى مسؤولون سابقون في نظام بن علي مناصب قيادية اليوم في البرلمان.
وتثير المواقف المتضاربة بشأن التعاطي مع رموز نظام بن علي بعد مرور 10 سنوات كاملة على الإطاحة بنظامه ومدى قبولهم كشركاء في المشهد السياسي تساؤلات حول مصير المصالحة الوطنية التي دعت إليها أطراف سياسية بعد ثورة 2011، ولا تزال قطاعات واسعة من التونسيين ومكونات المشهد السياسي ترفضها.