كشف تحقيق مكثف أجراه مركز العدالة الاجتماعية البريطاني عن حقائق مُثيرة للقلق بشأن مشهد الصحة العقلية للأطفال في المملكة المتحدة، وسط مخاوف من أن يُلاحق خطر الإصابة بالأمراض العقلية أكثر من مليوني طفل بحلول عام 2030.
وأشار التحقيق، الذي نشره موقع "Further Education News"، إلى الانقسام المجتمعي في البلاد بدءًا من العصر الفيكتوري ووصولًا إلى بريطانيا المعاصرة، مؤكدًا على الفجوة المتنامية بين الطبقة الرئيسية في المجتمع والطبقة الدنيا، التي تتصارع مع الاكتئاب والفقر.
وأوضحت النتائج الرئيسية للتحقيق، الذي شمل 6000 فرد، أنه رغم التقدم الذي حققته المملكة المتحدة، إلا أن الفئات الأكثر حرمانًا لا تزال بالكاد أفضل حالًا مما كانت عليه قبل 15 عامًا، لا سيما بعد الانهيار المالي.
ولفت التحقيق إلى أنه يتم تصوير الانتقال من الاعتماد على الدعم الاجتماعي الحكومي إلى العمل والاستقلالية المالية على أنه أمر غير مجد بالنسبة للكثيرين، ما يؤدي إلى تفاقم الفجوة المجتمعية.
وأكد التحقيق على التناقض الواضح بين نوعية الحياة الملموسة في المناطق الغنية مقارنة بالمناطق الأكثر حرمانًا، مشيرًا إلى القلق السائد بشأن الصحة العقلية بين المهمشين، فقد تم الإبلاغ عن نسبة كبيرة من حالات اضطراب الصحة العقلية، وهي نسبة أعلى بكثير من عامة السكان.
وبين التحقيق أن قضايا مثل الجريمة، والسكن غير اللائق، وتعاطي المخدرات، تظهر كعوائق كبيرة عند هذه الفئات، ما يؤدي إلى تآكل الثقة في نظام العدالة وتفاقم الانقسام الاجتماعي.
وظهر تأثير جائحة "كوفيد-19" كعامل محفز كبير، أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي للبلاد بشدة، وخاصة بالنسبة للشرائح الأكثر ضعفًا في المجتمع، إذ يتحمل الأطفال، على وجه الخصوص، عبئا كبيرا يتسم بارتفاع ملحوظ في مشاكل الصحة العقلية التي يمكن التعرف عليها سريريا.
ومن بين المخاوف المتنامية، يُتوقع أن يصل عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عامًا ويعانون من اضطرابات عقلية إلى ما يصل 2.3 مليون بحلول عام 2030، إذا استمرت الاتجاهات الاجتماعية الحالية، وهو ارتفاع مذهل مقارنة بالإحصاءات السابقة.
ويعزو التحقيق ذلك الارتفاع إلى تداعيات إجراءات الإغلاق، مع إشارة إلى زيادة في حالات العنف المنزلي، والقضايا الصحية العقلية بين الشباب، وزيادة ملحوظة في نسبة الغياب عن المدارس، فضلاً عن ارتفاع عدد المستفيدين من الرعاية الاجتماعية الحكومية، إذ أدت التداعيات الاقتصادية للوباء إلى تفاقم التحديات، وتصاعد الخمول الاقتصادي.
ويعكس التحقيق المخاوف بشأن ضرورة اتباع نهج شامل لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر، ويؤكد على الطبيعة الحتمية للتدخلات في أنظمة التعليم والتوظيف وإدارة الديون والإدمان ودعم الأسرة، مع الحاجة الملحة إلى اتباع نهج شامل يستهدف الركائز الاجتماعية الأساسية للتخفيف من قبضة الفقر الراسخة على الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد.