برز جزيء NAD+ (نيكوتيناميد أدينين ثنائي النوكليوتيد)، وهو مركب حيوي تعتمد عليه خلايا الجسم في وظائف أساسية كمكمل مثير للجدل في عالم العافية.
ومع تزايد الاهتمام بعلوم طول العمر، بات هذا الجزيء محط أنظار الباحثين ومشاهير هوليوود، مثل هايلي بيبر وجينيفر أنيستون، الذين يتجهون إلى علاجات NAD+ أملاً في تحسين صحتهم وإبطاء مظاهر التقدم في السن.
وبحسب تقرير نشره موقع "نيويورك بوست"، يُعد NAD+ إنزيمًا مساعدًا يشارك في مجموعة واسعة من الوظائف الخلوية الحيوية، من إنتاج الطاقة وإصلاح الحمض النووي إلى تنظيم استجابات الجسم للضغط والالتهاب.
وبينما كان معروفًا منذ عقود، فإن الأبحاث الحديثة أعادت تسليط الضوء على دوره في الشيخوخة والوقاية من الأمراض.
وقال خبير الطب الوظيفي ويل كول إن "الجزيء ليس جديدًا، لكن الأبحاث حول طول العمر والصحة العامة شهدت تزايدًا في السنوات الأخيرة، ولهذا السبب تسمعون عنه أكثر فأكثر".
التقدم في السن يغذي صناعة مزدهرة
وتتراجع مستويات NAD+ بشكل طبيعي مع التقدم في السن، وهو ما يربطه الباحثون بالإرهاق، وتراجع القدرات الإدراكية، وظهور الأمراض المزمنة. وقد أدى ذلك إلى نشوء سوق متنامية للمكملات الغذائية، والحقن الوريدية، وحتى اختبارات منزلية، تسوّق جميعها على أنها أدوات لإبطاء الشيخوخة وتحسين الأداء البدني والعقلي.
وقال الباحث في مجال طول العمر جين-شيونغ شي خلال مؤتمر لمهتمي "البيوهاكينغ": "يُعتقد أن NAD+ ضروري لوظيفة الميتوكوندريا. فعندما ينخفض مستواه، لا تستطيع خلايا الجسم إنتاج الطاقة بشكل كافٍ، ويزداد الإجهاد التأكسدي، وهو عامل رئيس في الإصابة بالأمراض".
وتُعرف الميتوكوندريا بأنها "محطات توليد الطاقة" داخل الخلايا، وتعتمد على NAD+ لإنتاج جزيء ATP، وهو مصدر الطاقة الأساسي للجسم. وعند نقص NAD+، لا يتراجع إنتاج الطاقة فحسب، بل تتراكم أيضًا الجذور الحرة الضارة التي قد تضر الخلايا.
مصادر غذائية ومكملات ومواد أولية
ويحصل الإنسان على NAD+ من خلال مصادر غذائية وإعادة التدوير الداخلي داخل الجسم. ويُعد التربتوفان، الموجود في اللحوم الحمراء، ومنتجات الألبان، والدواجن، والمكسرات، إضافة إلى بعض فيتامينات B، من أبرز المواد الأولية لإنتاجه.
وبسبب ضعف امتصاص أقراص NAD+ عبر الجهاز الهضمي، يركّز الباحثون على مكملات المواد الأولية مثل NMN (نيكوتيناميد مونونوكليوتيد) وNR (نيكوتيناميد ريبوسايد).
وقال دانييل بولستون، أستاذ مساعد في كلية إيكان للطب في ماونت سايناي: "تُظهر الدراسات أن تناول مكملات NMN وNR عن طريق الفم آمن على المدى القصير ويرفع من مستويات NAD+ في الدم، لكن النتائج متباينة، فبعض الدراسات تشير إلى تحسن في الأداء العضلي أو الأيض، بينما لا تُظهر أخرى أي فوائد واضحة".
ومن الأطعمة التي تحتوي على كميات ضئيلة من المواد الأولية لـ NAD+: البروكلي، والأفوكادو، والحليب، والمشروبات المخمرة.
طرق تعويض NAD+
لم تعد مكملات NAD+ تقتصر على الحبوب، بل تشمل الحقن الوريدية، وبخاخات الأنف، والكريمات الموضعية. وقد روّجت بيبر علنًا لعلاج NAD+ عبر الوريد، وصرّحت بأنها "ستأخذ NAD طوال حياتها ولن تشيخ أبدًا“.
ورغم أن الحقن الوريدية قد ترفع من مستوى NAD+ في الدم، فإن الدراسات حول فوائدها الصحية الشاملة لا تزال محدودة. وتشير إحدى الدراسات الصغيرة إلى تحسن طفيف في الوظائف العصبية والإدراكية، لكنّ الباحثين يشددون على الحاجة لتجارب واسعة وطويلة الأمد.
ويفضل كول المكملات الفموية، مؤكدًا أنه يشعر بزيادة الطاقة عند استخدامها بانتظام. لكنه في الوقت نفسه يدعو إلى نهج شامل يضم التمارين الرياضية، خاصة تمارين المقاومة، ونظامًا غذائيًا مضادًا للالتهاب، ونومًا جيدًا.
لا حبة سحرية
ورغم أن NAD+ أصبح يُنظر إليه من قبل البعض على أنه "الحل السحري"، فإن العلماء يحذرون من التسرع في التقييم.
وقال بولستون إن NAD+ لا شك في أهميته، لكن فوائده السريرية ما زالت قيد الدراسة. وعلّق كول قائلاً: "لن تجدوا حبة سحرية واحدة تحل كل مشكلات الصحة. لكن إذا دعمتم أجسامكم بالتغذية الجيدة ونمط الحياة الصحي، فقد يسهم NAD+ بدور إيجابي في تحسين الوظائف العامة".
ومع استمرار الأبحاث، يبقى NAD+ عند تقاطع بين العلم الحديث وهوس المشاهير بالعافية، جزيئًا واعدًا، لكنه يحتاج إلى مزيد من الأدلة قبل أن يصبح أداة موثوقة في معركة التقدم في السن.
