كشفت دراسة حديثة أجرتها كلية الطب في جامعة روتجرز الأمريكية عن التأثيرات الخطيرة التي يتركها ما يُعرف بـ"التقليل من أعراض المرضى" في البيئة الطبية على الصحة النفسية والجسدية للمرضى.
ويُقصد بهذه الظاهرة، وفق تقرير نشره موقع "هندوستان تايمز"، تعامل بعض مقدمي الرعاية الصحية مع شكاوى المرضى وكأنها غير حقيقية أو مبالغ فيها، ما يُشعر المريض بالتشكيك والتهميش، ويُعرف ذلك أيضًا بـ"إبطال الأعراض".
الدراسة، التي قادتها الباحثة أليسون بونتمبو، استعرضت 151 تقريرًا نوعيًا شمل أكثر من 11,000 مريض يعانون أمراضًا مزمنة مثل الألم العضلي الليفي، والانتباذ البطاني الرحمي، وكوفيد.
وأظهرت الدراسة أن تجاهل الأعراض من قبل الأطباء لا يقتصر على الإحباط أو الانزعاج، بل يتسبب بآثار نفسية عميقة تشمل الشك بالذات، والخجل، والاكتئاب، وحتى التفكير بالانتحار.
وذكرت بونتمبو أن العديد من المرضى يتجنبون وصف معاناتهم بشكل دقيق خلال زياراتهم الطبية، خوفًا من أن يُنظَر إليهم على أنهم مبالغون أو مثيرون للشفقة، وهو ما يسهم في تأخر التشخيص الصحيح والعلاج المناسب.
وأضافت: "المرضى قللوا من وصف أعراضهم تجنبًا لوصمة المبالغة، وهو ما أسهم في تأخر تلقي الرعاية الفعلية".
وأشارت الدراسة إلى أن هذا النوع من المعاملة يتسبب أيضًا بآثار طويلة الأمد، أبرزها فقدان الثقة بالنظام الطبي وزيادة القلق تجاه زيارة الطبيب، ما يدفع البعض إلى تجنب الرعاية الصحية بشكل كامل، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية.
اللافت أن الدراسة أظهرت وجود انحياز جنساني واضح، إذ كانت النساء يشكلن 81% من المشاركين الذين أبلغوا عن تعرضهم لتقليل أعراضهم. وأفادت الكثيرات بأن أعراضهن غالبًا ما كانت تُعزى إلى أسباب نفسية بدلاً من الجسدية، ما يعكس استمرار تحامل طبي قائم على النوع الاجتماعي.
وتأتي هذه النتائج لتؤكد أبحاثًا سابقة حذّرت من الآثار السلبية للتعامل المشكك مع المرضى. كما تسلط الضوء على ضرورة توعية الأطباء والممرضين بأهمية الاستماع الجاد للمرضى، وتبنّي نهج طبي أكثر تعاطفًا وإنصافًا.
وتؤكد الدراسة أن الاعتراف الصادق بأعراض المريض يُعدّ ركيزة أساسية في رحلة العلاج، وضرورة لبناء ثقة متبادلة بين المريض ومقدّم الرعاية، خصوصًا في ظل تنامي المطالب بحقوق صحية أكثر إنسانية وعدلاً.