حذرت دراسة عالمية حديثة، نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، من أن تغير المناخ بات يشكل خطرًا متزايدًا على استقرار إمدادات الدم، مع تزايد الظواهر الجوية المتطرفة التي تعطل عمليات التبرع والنقل، في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على الدم بسبب الكوارث المناخية.
وذكرت الدراسة، التي نُشرت في مجلة "ذا لانسيت بلانيتاري هيلث"، أن ارتفاع درجات الحرارة وتكرار الكوارث الطبيعية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حاد في التبرعات بالدم، كما يهدد سلامة نقله ويصعّب وصوله إلى المحتاجين.
وأشارت الباحثة إلفينا فينيت، المتخصصة في الأمراض المعدية، إلى أن أي اضطرابات في توفر الدم وسلامته تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المرضى، مؤكدة أن معالجة هذا الخلل بين العرض والطلب أمر ضروري، خاصة خلال فترات الأزمات المناخية.
واستعرض الباحثون، ضمن الدراسة، نتائج عشرات الأبحاث التي تناولت تأثير الظواهر المناخية المتطرفة على الصحة العامة، بدءًا من الإصابات الجسدية والصحة النفسية، وصولًا إلى انتشار الأمراض المعدية وتأثيرها على سلاسل إمداد الدم.
وكشفت النتائج أن الكوارث مثل الأعاصير، الفيضانات، موجات الحر، حرائق الغابات والعواصف الثلجية، غالبًا ما تمنع الأفراد من التبرع بالدم، سواء بسبب تعطل الطرق أو انشغال السكان بمشكلات طارئة أكثر إلحاحًا؛ ما يصعب على مراكز التبرع المتنقلة الوصول إلى الأماكن المتضررة.
وفي الولايات المتحدة، وثقت الدراسة تراجعًا واضحًا في حملات التبرع بالدم خلال الكوارث؛ إذ أُلغيت أكثر من 100 حملة تبرع بسبب إعصار "هيلين" الذي ضرب جنوب شرق البلاد العام الماضي، كما تسبب اشتداد حرائق لوس أنجلوس في تراجع الآلاف عن مواعيد تبرعهم.
وأفاد الصليب الأحمر الأمريكي بأنه في فبراير 2025 وحده، تم تسجيل عدد من حالات إلغاء التبرعات يعادل تقريبًا إجمالي ما سُجل في العام 2024، ويرجع ذلك إلى التأثير المتزايد للظواهر المناخية.
ولم يقتصر تأثير الكوارث على تراجع التبرع، بل تسببت أيضًا في زيادة الطلب على الدم، نتيجة ارتفاع معدلات الإصابات الرضية، أو تعطل رعاية مرضى الأمراض المزمنة الذين يعتمدون على عمليات نقل دم منتظمة، مثل مرضى السرطان.
كما لفتت الدراسة إلى أن النساء الحوامل، اللواتي يواجهن خطر مضاعفات طبية خلال الكوارث، قد يجدن أنفسهن في أوضاع خطيرة في ظل نقص الدم اللازم لإنقاذ حياتهن.
وتحدث الباحثون أيضًا عن تهديد إضافي يتمثل في انتشار الأمراض المنقولة عبر الدم مع ارتفاع درجات الحرارة، مثل فيروس غرب النيل، وفيروس "زيكا" وحمى الضنك؛ ما يقلل من عدد المتبرعين المؤهلين ويزيد من الضغوط على أنظمة الرعاية الصحية.
وخلصت الدراسة إلى أن تفشي الأوبئة، كما حدث خلال جائحة كورونا، يؤدي إلى إغلاق مراكز التبرع لفترات طويلة، ويزيد من الطلب على الدم لعلاج المصابين؛ ما يضاعف حجم الأزمة التي تواجه أنظمة الصحة العامة في التعامل مع إمدادات الدم خلال الكوارث المناخية.
