يتجه العراق نحو مشاريع الطاقة البديلة في محاولة للتغلب على أزماته الكهربائية المتفاقمة، معلنًا خططًا طموحة لإنتاج 12 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، رغم التحديات التي تعترض طريق التنفيذ.
وأعلن وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، خلال مشاركته في أعمال قمة مستقبل الطاقة المنعقدة في لندن، أن العراق يخطط لإنتاج 12 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية ضمن مشاريع التحول نحو الطاقة النظيفة.
وأكد عبد الغني أن الحكومة تعمل على تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مشيرًا إلى أن هذه المشاريع ستُنفذ بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة.
وتأمل الحكومة أن تساهم هذه المشاريع في تخفيف الضغط على الشبكة الوطنية التي تعاني من نقص حاد، خصوصاً خلال أشهر الصيف، ومع أن الخطط المعلنة بدت واعدة، إلا أن تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة في العراق ظلّ يواجه سلسلة من العراقيل.
محاولات حكومية
بدوره، قال الباحث في الشأن الاقتصادي، علاء الفهد، إن "العراق يسعى ضمن استراتيجية الطاقة إلى استخدام الطاقة النظيفة والاستفادة من الطاقة الشمسية، عبر محاولات حكومية ومبادرات استثمارية بالشراكة مع القطاع الخاص".
وأضاف الفهد لـ"إرم نيوز" أن "هناك محاولات وإجراءات مستمرة لكنها لا تزال خجولة بسبب ارتفاع التكاليف، رغم سعي الحكومة للاستثمار في هذا المجال أسوة بالكثير من الدول التي سبقت العراق في استغلال الطاقة الشمسية".
وأشار إلى أن "الحكومة وقعت قبل أيام عقداً لإنتاج الطاقة الكهربائية من النفايات ضمن مشروع مدينة النهروان، إلى جانب العمل على إنشاء مدن ذكية تستخدم الطاقة النظيفة، ضمن خطة للتحول الاقتصادي نحو الاقتصاد الرقمي والذكي، وتوسيع استخدام البدائل وتقليل الانبعاثات".
ومؤخرًا أعلن وزير الكهرباء العراقي، زياد علي وصول أكثر من 126 ألف لوح شمسي عالي الكفاءة إلى موقع مشروع شمس البصرة في حقل أرطاوي، تمهيدًا لبدء تنفيذ أحد من أكبر مشروعات الطاقة المتجددة في العراق.
والمشروع الجديد ينفذ من قبل شركة توتال إنرجي الفرنسية بقدرة 1000 ميغاواط، وبتكلفة استثمارية تبلغ نحو 820 مليون دولار، وهو جزء من صفقة الـ27 مليار دولار الموقعة مع العراق لتطوير قطاع الطاقة.
تحديات كبيرة
ورغم الطموحات الكبيرة، تواجه مشاريع الطاقة الشمسية في العراق – وفق مختصين - العديد من العقبات، أبرزها ارتفاع التكاليف الإنشائية، وتعقيدات العقود الإدارية، وضعف البيئة الاستثمارية الجاذبة للشركات العالمية، كما أن البنية التحتية لشبكة الكهرباء لا تزال بحاجة إلى تحديثات جوهرية لاستيعاب الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة.
من جانبه، قال عضو الفريق الوطني للطاقة المتجددة، علي الذهبي، إن "العراق بحاجة ماسة إلى تسريع خطوات التحول نحو الطاقة النظيفة، لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، خاصة مع التحديات المناخية والبيئية التي تواجه البلاد".
وأضاف الذهبي لـ"إرم نيوز" أن "مشاريع الطاقة الشمسية تمثل خيارًا إستراتيجيًا، لكنها تصطدم بتحديات متعددة، من بينها ارتفاع كلفة إنشاء المحطات، فضلاً عن متطلبات التنسيق العالي بين الوزارات المعنية، مثل النفط والكهرباء والتخطيط، إلى جانب دعم بيئة الاستثمار، وتسهيل دخول الشركات العالمية ذات الخبرة في هذا القطاع".
وفي ظل التحديات المتزايدة في قطاع الكهرباء، يتجه العديد من العراقيين نحو اعتماد الطاقة الشمسية في مشاريع منزلية صغيرة، خاصة مع الانخفاض الحاد في ساعات التجهيز خلال فصل الصيف.
وتُقدّر حاجة العراق من الطاقة بنحو 55 ألف ميغاواط من الكهرباء سنويًا لتلبية الطلب المتزايد، إلا أن الإنتاج الحالي يبلغ حوالي 27 ألف ميغاواط فقط، مما يترك فجوة كبيرة في تلبية الاحتياجات الكهربائية.
ويعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، حيث يستورد حوالي 50 مليون متر مكعب يوميًا، وهو ما يشكل ثلث احتياجات البلاد من الغاز.
ومع توقف الإمدادات الإيرانية بشكل متكرر، كما حدث في نوفمبر 2024، فقد العراق نحو 5.5 غيغاواط من قدرته التوليدية، ما زاد حدة أزمة الطاقة.